زكاة الحلي الموروث من الأم

جزاك الله عنا وعن المسلمين خيرًا شيخنا الكريم.
هناك أخوات قد ورثن ذهبًا عن أُمِّهن رحمها الله منذ اثني عشر عامًا ولم يقمن بتقسيمه مع باقي الميراث حفاظًا على ذكرى أُمِّهن، مع العلم أن هذا الذهب مجتمعًا مع بعضه يتعدى النصاب.
الآن قاموا ببيعه ثُمَّ تقسيمه وأخذت كل واحدة نصيبها الذي بمفرده لا يتعدى النصاب.
السؤال:
١- هل في هذا الذهب زكاة؟
٢- على كم سنة تحسب الزكاة؟
٣- إذا قرر أن الزكاة تستحق على اثني عشر عامًا فهل تحسب على سعر الذهب هذا العام أم على حسب سعره في كل عام؟
مع العلم أن المال الذي امتلكته المرأة التي تسأل خلال مدة الاثني عشر عامًا قد تعدى النصاب في بعضها ولم يتعد في البعض الآخر، وللأسف لا تتذكر الأعوام التي تعدى فيها المال النصاب. جزاكم الله خيرًا كثيرًا ونفع بكم وسدَّدكم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
ففي وجوب الزكاة في الحُلِي خلافٌ بين أهل العلم، والجمهور على عدم وجوب الزكاة فيه إذ اتُّخذ للحلية والزينة(1)، وخالف الأحناف في ذلك وبعض أهل العلم فقالوا بوجوبه إذا بلغ نصابًا وحال عليه الحول(2). وهو الذي نرجحه.
وفي هذه المسألة لا يرد هذا الخلاف، فقد ماتت صاحبة الذهب وأصبح ذهبها ميراثًا، ولم تتجه إرادة الورثة إلى تملُّكِه للزينة، بدليل بيعه وتقاسم قيمته عندما قرروا تقسيمه، ولم يمنعهن مانعٌ من تقسيمه طوال هذه الفترة، اللهم إلا اعتبارات عاطفية لا تترتب عليها أحكام شرعية.
فهو إذن ميراث، وتجب الزكاة في التركة بعد مضي سنة من وفاة المورث، لأن التركة تنتقل ملكيتها من المتوفى إلى الورثة من تاريخ الوفاة، إذا بلغ نصيب الوارث نصابا من النقود أو الحلي من الذهب والفضة.
ويضاف نصيب كل واحدة منهن إلى ما عندها من المال في حساب الحول والنصاب، أو يستقبل به حول جديد، والعبرة بسعره وقت إخراج زكاته أي عند حلول الحول في كل عام، سواء أكان الحول الخاص به أم الحول العام الذي اعتبر لجميع المال، فهذا هو وقت وجوب الزكاة فيه. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________
(1) جاء في «مواهب الجليل» (2/300) من كتب المالكية: «ولا زكاة في الحلي من ذهب أو فضة يتخذه الناس، وكذلك ما انكسر منه مما يريد أهله إصلاحه».
جاء في «الحاوي الكبير» (3/271) من كتب الشافعية: « الحلي ضربان: أحدهما: ما كان من جنس الأثمان ذهبا وفضة. والثاني: ما كان من غيره من الجواهر كاللؤلؤ والمرجان فهذا لا زكاة فيه، وما كان ذهبا وفضة ضربان: محظور ومباح ونذكر تفصيلهما، فالمحظور زكاته واجبة، والمباح على قولين: أحدهما: نص عليه الشافعي في القديم لا زكاة فيه، والقول الثاني: أشار إليه الشافعي في الجديد من غير تصريح به أن فيه الزكاة ».
وجاء في «شرح الزركشي» (2/496) من كتب الحنابلة: «المذهب المنصوص، المختار للأصحاب أنه لا زكاة في الحلي في الجملة».
(2) جاء في «البناية شرح الهداية» (3/377): « (في تبر الذهب والفضة وحليهما) بضم الحاء وكسر اللام، أي جمع حلي بفتح الحاء وسكون اللام وهو ما تحلى به المرأة من ذهب أو فضة، وقيل: أو جوهر، والحلية: الزينة من الذهب والفضة م: (وأوانيهما) ش: أي الأواني المعمولة من الذهب والفضة م: (الزكاة) ».

تاريخ النشر : 06 أكتوبر, 2025
التصنيفات الموضوعية:   04 الزكاة
التصنيفات الفقهية:  

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend