والدي بلغ من العمر إحدى وسبعين عامًا، لديه معاش وقطعة أرض مزروعة يوسفي ومانجو، تدر عائدًا عن طريق استئجارها لأحد التجار بالعامين بمبلغ يتم الاتفاق عليه، ويتم تقاضي المبلغ على دفعات، وقطعة أخرى مستصلحة وتحتاج إلى مصاريف.
ولي أخ هو الأكبر يحتاج دائمًا إلى أموال (وأخي كان موظفًا حكوميًّا ومرتبه كان قليلًا جدًّا فترك الوظيفة واشترى سيارة 1/2 نقل للعمل بها، وكانت السيارة تحتاج إلى أموال في إصلاح وأقساط، وكان وهو معه السيارة يقوم باستئجار قطعة أرض وزراعتها بعض الزراعات مثل الطماطم للمساعدة، ولكن للأسف خبرته في الزراعة قليلة فكانت تخسر ويتراكم عليه ديون، وفي نفس الوقت باع السيارة القديمة واشترى أخرى جديدة بالنظام الجديد، دفع مبلغًا والباقي يدفع بالضعف، يعني لو أن الباقي 40 يدفعهم 80 على أقساط. وتم حدوث أكثر من حادث للسيارة سواء القديمة أو الحديثة، وتم بيع السيارة، وبدأ يركب سيارة الغير فترة، ولكن نظرًا لتعوده على أن يكون راكبًا سيارته هو فكان تصعب عليه نفسه؛ ففكر في شراء سيارة أخرى ولكن لم يكن لديه أموال، فقام بأخذ قرض من أحد الأشخاص ويدفع بالربا يتم دفع 1000 جنيه كل شهر ولا ينقص من أصل المبلغ شيء، وقام باستخدام مبلغ القرض في مقدم سيارة مستعملة والباقي على أقساط.
إذًا أصبح عليه قسط الشقة، وقسط السيارة، وقسط القرض. فلجأت زوجته للدخول في جمعية لسداد القرض، وهكذا.
والدي عنده غيره ولدان وخمس بنات، في كل هذه الأزمات السابقة لأخي وغيرها يتم اللجوء إلى أبي ويأخذ كل الأموال التي يحصل عليها أبي، سواء من الأرض أو المعاش، والذي يصرف فقط الأكل والشرب ومصاريف الأرض، لدرجة أن أبي أصبح لا يُخرج شيئًا من الأرض للزكاة على أساس أنه لا يفيض أي شيء والذي يأتي يحتاج أبي أكثر منه.
والحمد لله قد كبرنا كلنا الآن، وكلنا متزوجون والحمد لله، ولكن ذلك الوضع لم يُرِح أحدًا من باقي الأبناء، ويقولون: «الكل حالته على قده»، ويرون أن أخي يسير على غير قدر حاله، وأن لديه طمعًا، وأن ذلك ما يجعله في هذه الحالة، وأنهم ممكن أن يعملوا مثله ولكن لا تعلَّمنا هكذا ولا تربينا هكذا؛ ولذلك يُريدون أن يُساعدهم أبوهم مثلما يساعد أخاهم؛ لأن الكل يسير على قدر حاله «حالته على قده»، ورأيهم أن أخي طالما وجد أباه يساعده فهو يمشي في الحياة بدون حساب، يعني أنه يعرف أنه كلما وقع أبوه سيساعده.
أبي يُحس بتأنيب ضميره؛ لأنه قد دعا عليه قبل هذه الفترة، ويرى أنه هو السبب في حالته، مع العلم أنه أصبح يدعو له في صلاته لكي تتحسن حالته منذ أن ساءت.
السؤال: هل أبي عليه زكاة زروع؟ هل عليه حج؟ هل ما يفعله مع أخي وترك إخوتي هو المناسب؟ ما الحل المناسب للخروج من ذلك الوضع؟ جزاكم الله خيرًا.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الزكاة يا بني لا تجب إلا على من ملك نصابًا وحال عليه الحول، وبالنسبة للأرض الزراعية تكون زكاتها على مستأجرها دون مالكها، أما المالك فتلزمه زكاة أجرتها إذا بلغت نصابًا وحال عليها الحول، سواء أبلغت النصاب بنفسها أم بضميمتها إلى ما عنده من أموال أخرى، فإذا كان ما يأتي من إيجار الأرض تستهلكه النفقات ولا يبقى منه شيء مدخر يحول عليه الحول فلا زكاة على والدك.
وسيرة أخيك المالية وسلوكه المضطرب وغير المنضبط شرعًا وراء أزماته المتفاقمة، وماذا عسى أن يُنتظر ممن يجترئ على الربا إلا المحق والضنك، فضلًا عما ينتظره في الآخرة ما لم تتداركه رحمة من الله ؟!
فينبغي أن ينصح في ذلك بحزم، وأن يجلس مع بعض أهل العلم ليبين له فساد مسلكه وسوء مغبته، ويضع معه خطة لإخراجه من هذه الشعاب الملتوية.
وجزاكم اللهُ خيرًا على صبركم على أبيكم وتقدير ظروفه، فاستمروا على هذا الصبر والبر، واستديموا نصحكم لأخيكم والدعاء له أن ينصره الله على نفسه وشيطانه. وأداء الزكوات الواجبة مقدَّم على الحج، فإذا أدى حقوقَ الله في ماله لزمه الترتيبُ للحج والعزمُ عليه عند أول القدرة عليه. والله تعالى أعلى وأعلم.