دفع الزكاة لجمعية تسعى للدفاع عن الشريعة

نحن مجموعة من الشباب، أنشأنا ائتلافًا إسلاميًّا وجمعية مشهرة، نسعى من خلاله إلى الدفاع عن الشريعة والتعريف بالمشروع الإسلامي في مصر، ومواجهة التيارات العلمانية على أكثر من صعيد: على صعيد التنظير الفكري والعمل السياسي، وكذلك على الصعيد الإعلامي والحقوقي والدعوي.
وقد أنشأنا موقعًا ننشر عليه مقالاتنا التي تقارع حججهم وتُفنِّد شبهاتهم، وقد لاقت قبولًا واسعًا بحمد الله، ووضعنا نواة صحافة وإعلام بديلين سعيًا منا لمدافعة عملية تزييف الوعي المتواصلة من قِبَل الفضائيات والصحف التي يمتلكها العلمانيون والفاسدون من رجال النظام السابق.
ونسعى لإنتاج المواد لإعلامية للتعريف بالشريعة، ونعقد الندوات الثقافية لتبسيط المفاهيم الإسلامية وإيصالها للشباب ولعامة الشَّعب.
كما بدأنا في الإجراءات الرسميَّة لإنشاء مركز حقوقي، نُدافع فيه عن حقوق المظلومين؛ إذ وجدنا أن المجال الحقوقي شبه خالٍ من الإسلاميين، يُسيطر عليه العلمانيون واليساريون، الأمر الذي يكون له أكبر الأثر السلبي على المظلومين وأصحاب الحقوق المهضومة؛ إذ يرون دعاة الشريعة يتخلون عنهم، في الوقت الذي يدافع عن حقوقهم من يناصب الشريعة العداء.
ولكننا نعاني من فقرٍ في الموارد المادية، فنحن حتى الآن نسير بالجهود الذاتية التي يُستنفد الجزء الأكبر منها في صرف الرواتب وخلافه من الشئون الإدارية، وبعد أن منَّ الله علينا بتشعُّب الأنشطة وبتعدد مجالات العمل لنصرة الشريعة، وكذلك تعدد الوسائل، مع وجود الكوادر المميزة جدًّا في ائتلافنا؛ فإن تبرعاتنا الذاتية لم تعد كافية على الإطلاق للقيام بالدور الذي نطمع في القيام به، وأصبح كثير من المشاريع معطَّلًا لعدم توفُّر التمويل الكافي لإقامته.
وخصومنا أوسع منا انتشارًا، وأسرع وصولًا للجمهور، وأبلغ تأثيرًا؛ لما يملكون من موارد مادية هائلة لا نملك معشارها.
فسؤالنا: هل يجوز أن تُصرَف لنا زكاة المال؟ وإذا كنا مستحقين، فهل يلزم العامل على صرف أموال الزكاة إخبار المزكِّي بدفعها لنا؟ نرجو من فضيلتكم أن تفتونا مأجورين بإذن الله.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن كان الأمر كما ذكرتم فأرى أنكم أحد مصارف الزكاة، باعتبار عملكم جهادًا بالكلمة في سبيل الله {#emotions_dlg.azz}، والجهاد بالكلمة أحد أنواع الجهاد الذي يشمله مصرف في سبيل الله، وقد صدر بذلك قرار المجمع الفقهي برابطة العالم الإسلامي؛ فقد جاء في هذا القرار ما يلي:
بعد تداول الرأي ومناقشة أدلة الفريقين قرر المجلس بالأكثرية ما يلي:
1. نظرًا إلى أن القول الثاني قد قال به طائفة من علماء المسلمين، وأن له حظًّا من النظر في بعض الآيات الكريمة، مثل قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة: 262] ومن الأحاديث الشريفة مثل ما جاء في «سنن أبي داود»: أن رجلًا جعل ناقةً في سبيل الله، فأرادت امرأتُه الحجَّ فقال لها النبي ﷺ: «ارْكَبِيهَا؛ فَإِنَّ الحَجَّ فِي سَبِيلِ الله»(1).
2. ونظرًا إلى أن القصد من الجهاد بالسلاح هو إعلاء كلمة الله تعالى، وأن إعلاء كلمة الله تعالى كما يكون بالقتال يكون أيضًا بالدعوة إلى الله تعالى ونشر دينه، بإعداد الدعاة، ودعمهم ومساعدتهم على أداء مهمتهم، فيكون كِلا الأمرين جهادًا؛ لما روي الإمام أحمد والنسائي وصححه الحاكم: عن أنس رضي الله عنه: أن النبيَّ ﷺ قال: «جَاهِدُوا الـمُشْرِكِينَ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَأَلْسِنَتِكُمْ»(2).
3. ونظرًا إلى أن الإسلام مُحارَبٌ بالغزو الفكري والعَقَدي من الملاحدة واليهود والنصارى وسائر أعداء الدين، وأن لهؤلاء من يدعمهم الدعم المادي والمعنوي؛ فإنه يتعين على المسلمين أن يُقابلوهم بمثل السلاح الذي يغزون به الإسلام وبما هو أنكى منه.
4. ونظرًا إلى أن الحروب في البلاد الإسلامية أصبح لها وزارات خاصة بها، ولها بنُود مالية في ميزانية كل دولة، بخلاف الجهاد بالدعوة؛ فإنه لا يوجد له في ميزانيات غالب الدول مساعدة ولا عون.
لذلك كله، فإن المجلس يقرر بالأكثرية المطلقة دخول الدعوة إلى الله تعالى وما يعين عليها ويدعم أعمالها في معنى: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [التوبة: 60]في الآية الكريمة. انتهى.
والقيِّم على الزكاة يضعها بنظره في مصارفها التي حدَّدها الله {#emotions_dlg.azz}، ولا يلزمه إخبار المزكين بذلك، إلا إذا طلبوا ذلك منه، أو اشترطوا عليه مصرفًا معينًا من مصارفها فيلزمه التقيد به. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________________

(1) أخرجه أبو داود في كتاب «المناسك» باب «العمرة» حديث (1989) من حديث أم معقل ل، قالت: لما حجَّ رسول الله ﷺ حجةَ الوداع وكان لنا جمل، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي ﷺ، فلما فرَغ من حجه جئته فقال: «يا أم معقل ما منعك أن تخرجي معنا؟»، قالت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل، وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: «فهلا خرجت عليه، فإن الحج في سبيل الله».

(2) أخرجه أحمد في «مسنده» (3/124) حديث (12268)، وأبو داود في كتاب «الجهاد» باب «كراهية ترك الغزو» حديث (2504)، والنسائي في كتاب «الجهاد» باب «وجوب الجهاد» حديث (3096)، والحاكم في «مستدركه» (2/91) حديث (2427). وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   04 الزكاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend