أنا شاب أعمل في تجارة الملابس، وسؤالي هو: هل هناك حد أقصى محدد في نسبة الربح؟ فمثلًا هل يحق لي كسب ما يماثل الثمن الأصلي للبضاعة، أم أنه يوجد حد أقصى للربح وليكن مثلًا الثلث من أصل ثمن البضاعة؟ أريد من حضراتكم معرفة ضوابط البيع في الإسلام من حيث الربحية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا يوجد حدٌّ أقصى للربح، فإن النَّاس أحرار في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم، في إطار أحكام الشَّريعة الإسلاميَّة الغراء وضوابطها، عملًا بمطلق قول الله تعالى:﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29].
فكلُّ سعرٍ يتراضى عليه الطرفان يجوز التَّعامل به مهما بلغت نسبة التَّاجر في ربحه من هذه الصفقة، لا يتقيَّد في ذلك إلا بالضوابط الشَّرعية العامة التي تحض على الرفق والتَّيسير، وعدم استغلال ضرورة المضطرين وحاجات المحتاجين.
هذا وقد نظر مجمع الفقه الإسلامي الدولي هذه القضية وانتهى فيها إلى هذا القرار الذي نسوقه لك بنصه إتمامًا للفائدة:
أولًا: الأصل الذي تقرره النصوص والقواعد الشَّرعية ترك النَّاس أحرارًا في بيعهم وشرائهم وتصرفهم في ممتلكاتهم وأموالهم، في إطار أحكام الشَّريعة الإسلاميَّة الغراء وضوابطها، عملًا بمطلق قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29].
ثانيًا: ليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التَّاجر في معاملاته، بل ذلك متروك لظروف التجارة عامة وظروف التَّاجر والسلع، مع مراعاة ما تقضي به الآداب الشَّرعية من الرفق والقناعة والسَّماحة والتَّيسير.
ثالثًا: تضافرت نصوص الشَّريعة الإسلاميَّة على وجوب سلامة التَّعامل من أسباب الحرام وملابساته، كالغش والخديعة والتدليس والاستغفال وتزييف حقيقة الربح، والاحتكار الذي يعود بالضرر على العامة والخاصة.
رابعًا: لا يتدخل ولي الأمر بالتسعير إلا حيث يجد خللًا واضحًا في السوق والأسعار ناشئًا من عوامل مصطنعة، فإن لولي الأمر حينئذ التدخل بالوسائل العادلة الممكنة التي تقضي على تلك العوامل وأسباب الخلل والغلاء والغبن الفاحش. والله أعلم.