بين الإسراف في الصدقات وطاعة الأهل في منعها

أنا مدرس سافرت للعمل بالسعودية ومعي زوجتي لمدة 6 سنوات، ومنذ بداية سفري وأنعم الله علي بعشق الإنفاق على الفقراء والمساكين والمحتاجين إرضاء لله بدون علم أحد، وطوال هذه السنوات كنت أنفق عشرات الآلاف من الجنيهات بدون علم أحد إرضاء لله، علمًا أن راتبي هناك ليس كبيرًا جدًّا، فقط 3000 ريال شهريًّا، وعدت من السعودية منذ عام ونصف، وكان معي حوالي خمسة وخمسون ألف جنيه، أنفقت منها على المحتاجين والأقارب الفقراء حوالي خمسة وعشرين ألف جنيه.
المشكلة هنا أن أمي وإخوتي عرفوا أني أخرج المال بكثرة جدا فبدأوا بنصيحتي والضغط علي لكي أوقف ذلك، ولكني رفضت فبدأت مشاكلي معهم ومع زوجتي، فقاموا بأخذ كل مالي الباقي واشتروا لي به قطعة أرض، حتى أصبحت لا أمتلك شيئًا، هم يحبونني، ويقولون إن مرتبي هنا 500 جنيه، وزوجتي تعالج من العقم بآلاف الجنيهات، والزمن غير مأمون، ولكن نفسي ضائقة وغير مرتاح، أفكر في أن أبيع الأرض بدون علمهم وأتصدق منها إرضاءً لله، وفي نفس الوقت لا أريد أن أخاصم أمي وإخوتي، فما نصيحتك لي جزاك الله خيرًا؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن لك أجر ما أنفقت إن شاء الله، ولأهلك أجر النصح لك والحرص عليك والخوف على مستقبلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم : «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ الله، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ»(1). وقال: «إِنَّكَ أَنْ تَدَعَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ»(2). فلك أجر ما تحب من الإنفاق في سبيل الله، وقـد يبلغ الرجل بنيَّتِه ما لا يبلغه بعض العاملين بأعمالهم، فلِنْ بأيدي أهلك، ولن يترك الله عملك ولا نيتك. وأرجو أن يوسع الله عليك بما يمكنك من النفقة في سبيله ولا يثير شفقة أهلك. بارك الله فيك، وزادك حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الزكاة» باب «فضل النفقة على العيال والمملوك وإثم من ضيعهم أو حبس نفقتهم عنهم» حديث (995) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الوصايا» باب «أن يترك ورثته أغنياء خير من أن يتكففوا» حديث (2742)، ومسلم في «الوصية» باب «الوصية بالثلث» حديث (1628)، من حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   04 الزكاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend