الصرف في الحج من الزكاة

السلام عليكم، هل يجوز الدفع من مال الزكاة لمن أراد الحج؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية(1) والمالكية(2) والشافعية(3)، وهو رواية عن أحمد(4)، إلى أنه لا يجوز الصرف في الحج من الزكاة؛ لأن سبيل الله في آية مصارف الزكاة مطلق، وهو عند الإطلاق ينصرف إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، لأن الأكثر مما ورد من ذكره في كتاب الله تعالى قُصد به الجهاد، فتحمل الآية عليه.
وقد قال ابن قدامة في هذا: «إنه الصحيح»(5). اهـ.
وذهب أحمد في رواية(6) إلى أن الحج في سبيل الله، فيصرف فيه من الزكاة، لما روى أبو داود عن أم معقل الأسدية قالت: لما حجَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم  حجة الوداع وكان لنا جمل، فجعله أبو معقل في سبيل الله، وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما فرغ من حجه جئته فقال: «يَا أُمَّ مَعْقِلٍ مَا مَنَعَكِ أَنْ تَخْرُجِي مَعَنَا؟» قالت: لقد تهيأنا فهلك أبو معقل، وكان لنا جمل هو الذي نحجُّ عليه فأوصى به أبو معقل في سبيل الله، قال: «فَهَلَّا خَرَجْتِ عَلَيْهِ، فَإِنَّ الْـحَجَّ فِي سَبِيلِ الله»(7).
فعلى هذا القول لا يعطى من الزكاة من كان له مال يحج به سواها، ولا يعطى إلا لحج الفريضة خاصة، وفي قول عند الحنابلة(8): يجوز حتى في حج التطوع، والراجح ما عليه جمهور الفقهاء. والله تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) جاء في «الاختيار» من كتب الحنفية (1/118-122): «قال: (ومنقطع الغزاة والحاج) وهم المراد بقوله: {وفي سبيل الله} وقال أبو يوسف: هم فقراء الغزاة لا غير لأنه المفهوم عند إطلاق هذا اللفظ. ولمحمد أن رجلًا جعل بعيرًا له في سبيل الله فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحمل عليه الحاجَّ، ولأنه في سبيل الله تعالى لما فيه من امتثال أوامره وطاعته ومجاهدة النفس التي هي عدو لله تعالى».

(2) جاء في «الذخيرة» من كتب المالكية (2/513-523): «الصنف السابع: سبيل الله تعالى، وفي الجواهر: هو الجهاد دون الحج، لقوله عليه السلام: لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغاز في سبيل الله. الحديث، ولم يذكر الحج، ولأن آخذ الزكاة إما لحاجته إليها كالفقير، أو لحاجتنا إليه كالعامل، والحاج لا يحتاج إليها لعدم الوجوب عليه حينئذ إن كان فقيرا، ولأن عنده كفايته إن كان غنيا».

(3) جاء في «المجموع» من كتب الشافعية (6/192-202): «ومذهبنا أن سهم سبيل الله المذكور في الآية الكريمة يصرف إلى الغزاة الذين لا حق لهم في الديوان بل يغزون متطوعين، وبه قال أبو حنيفة ومالك رحمهما الله تعالى».
و جاء «في سبيل الله (مجلة البحوث الإسلامية العدد (2)» (1/54-55): «المراد من (سبيل الله) في آية المصارف، هو الجهاد، كما قال الجمهور».

(4) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (6/483-484): «وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى، لا يصرف منها في الحج».

(5) «المغني» (7 / 327).

(6) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (6/483-484): «مسألة؛ قال:(ويعطى أيضا في الحج، وهو من سبيل الله) ويروى هذا عن ابن عباس. وعن ابن عمر، الحج في سبيل الله. وهو قول إسحاق؛ لما روي أن رجلا جعل ناقة له في سبيل الله، فأرادت امرأته الحج، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: اركبيها، فإن الحج في سبيل الله».
وجاء في «المجموع» من كتب الشافعية (6/192-202): «وقال أحمد رحمه الله تعالى في أصح الروايتين عنه: يجوز صرفه إلى مريد الحج».

(7) سبق تخريجه العمرة» حديث (1989).

(8) جاء في «كشاف القناع» (2/283-284): «(والحج من السبيل نصًّا) … ( فيأخذ إن كان فقيرًا ) من الزكاة (ما يؤدي به فرض حج أو) فرض (عمرة أو يستعين به فيه) أي في فرض الحج والعمرة؛ لأنه يحتاج إلى إسقاط الفرض؛ وأما التطوع فله عنه مندوحة، وذكر القاضي جوازه في النفل كالفرض وهو ظاهر كلام أحمد والخرقي وصححه بعضهم؛ لأن كلًّا من سبيل الله والفقير لا فرض عليه فهو منه كالتطوع».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   04 الزكاة

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend