فضيلة الشيخ صلاح
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد فلدي سؤال أرجو التكرم بالجواب عليه
إن أبي مريض مرض موت، وقد صار لا يعقل، وإنه لم يكن يخرج زكاة ماله، فكيف تُخرج الزكاة عن ماله؟ وقد قرأت في بعض مواقع الفتوى أنها تحسب بطريقة تراجعية تناقصية، غير أنه في هذه الحالة إن فعلنا ذلك استغرقت الزكاة المال نظرا لكثرة السنوات، وقد لا يقبل ذلك بقية الوارثين. فهل هذه الطريقة متعينة أو أن هناك طريقة أخرى أنسب لهذه الحالة؟ على أنه قد يتعذر تتبع الأرصدة البنكية خلال هذه الزمن الطويل. مثم
ثم أي الأمرين يقدم: إخراج الزكاة أم تخصيص بعض المال للحج عنه؟ أفيدونا مأجورين وجزافإن الزكة حق الله عز وجل ف ي المال كم الله خيرا
والسلام عليكم
الإجابة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فإن الزكاة حق الله عز وجل في المال ويجب الوفاء بها، ولا تسقط إلا بالاداء، ويقدم أداء الزكاة عن الحج من مال المتوفى، أما عن كيفية حسابها فيتوقف على الخلاف في هذه المسالة هل تجب الزكاة في عين المال أم في الذمة، فإن قلنا إنها تتعلق بالذمة فمعنى هذا أنه لا يختصم المبلغ المستقطع للزكاة من وعاء الزكاة، أما إن قلنا إنها تتعلق بالمال فمعنى هذا أننا سنصير إلى الطريقة التناقصية التي تتحدث عنها، فتحسب الزكاة في أول سنة من السنوات الفائتة ثم يستقطع مقدارها من وعاء الزكاة وهكذا، والقول الأول أحوط وأبرأ للذمة، وإن كان القول الثاني وهو أن الزكاة تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة هو الراجح: لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً {التوبة:103}.
قال صاحب زاد المستقنع: وتجب الزكاة في عين المال، ولها تعلق بالذمة. انتهى.
وقد علق الشيخ بن العثيمين رحمه الله على ذلك فقال: فقال بعض العلماء: إنها واجبة في الذمة، ولا علاقة لها بالمال إطلاقاً. بدليل أن المال لو تلف بعد وجوب الزكاة لوجب على المرء أن يؤدي الزكاة، وقال بعض العلماء: بل تجب الزكاة في عين المال، لقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا. ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه لليمن: أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم. فالزكاة واجبة في عين المال. وكلا القولين يرد عليه إشكال، لأننا إذا قلنا: إنها تجب في عين المال صار تعلقها بعين المال كتعلق الرهن بالعين المرهونة، فلا يجوز لصاحب المال إذا وجبت عليه الزكاة أن يتصرف فيه، وهذا خلاف الواقع، حيث إن من وجبت عليه الزكاة له أن يتصرف في ماله، ولو بعد وجوب الزكاة فيه لكن يضمن الزكاة.
وإذا قلنا: بأنها واجبة في الذمة، فإن الزكاة تكون واجبة حتى لو تلف المال بعد وجوبها من غير تعد أو تفريط وهذا فيه نظر أيضاً، فالقول الذي مشى عليه المؤلف قول جامع بين المعنيين، وهو أنها تجب في عين المال ولها تعلق بالذمة، فالإنسان في ذمته مطالب بها، وهي واجبة في المال، ولولا المال لم تجب الزكاة فهي واجبة في عين المال. انتهى.
وقال أيضاً: ينبني على الخلاف في تعلق الزكاة بالمال أو بالذمة عدة مسائل ذكرها ابن رجب في القواعد، أوضحها لو كان عند إنسان نصاب واحد حال عليه أكثر من حول، فعلى القول بأنها تجب في الذمة يجب عليه لكل سنة زكاة، وعلى القول بأنها تجب في عين المال، لم يجب عليه إلا زكاة سنة واحدة -السنة الأولى- لأنه بإخراج الزكاة سينقص النصاب، فإذا كان عند الإنسان أربعون شاة سائمة ومضى عليه الحول ففيها شاة، وبها ينقص النصاب لأن الزكاة واجبة في عين المال، أما إن قلنا: إن الزكاة تجب في الذمة فإنها تجب في كل سنة شاة. انتهى.
وتجتهدون في حساب وعاء الزكاة عن السنوات الماضية بما تبلغه طاقتكم فإن التكليف مناطه القدرة، وقد يستعان في ذلك ببعض المتخصصين في المحاسبة، تضعون المعلومات المتاحة لكم بين يديه ويعينكم في كيفية احتسابها، والله تعالى أعلى وأعلم