شخص ذبح الأضحية وأخذها كلها له ولأسرته، ولم يعطِ منها قريبًا أو فقيرًا، ويقول: السنة الذبح، أما التوزيع متروك للشخص؛ لأنه ليس هناك دليل. فما حكم ذلك؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإنه يُشرع للمضحِّي أن يأكل من أضحيته ويُهدي ويتصدق؛ لقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ﴾ [الحج: 28]، وقوله تعالى: ﴿فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [الحج: 36]، فالقانع: السائل المتذلل، والمعتَرُّ: المتعرض للعطية بدون سؤال.
وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُوا وَأَطْعِمُوا وَادَّخِرُوا»(1)، والإطعام يشمل الهدية للأغنياء والصدقة على الفقراء.
وعن عائشة ل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُوا وَادَّخِرُوا وَتَصَدَّقُوا»(2).
وقد اختلف العلماء رحمهم الله تعالى في مقدار ما يأكل ويُهدي ويتصدق، والأمر في ذلك واسع، والمختار أن يأكل ثلثًا، ويهدي ثلثًا، ويتصدق بثلث.
وقال مالك: «لا حدَّ فيما يأكل ويتصدق ويطعم الفقراء والأغنياء، إن شاء نِيئًا وإن شاء مطبوخًا»(3).
وقال الشافعية: يستحب التصدق بأكثرها. وقالوا: أدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث، ويهدي الثلث. وقالوا: يجوز أكل النصف(4).
والأصح التصدق ببعضها، ولا ينبغي له أن يستقل بأكلها ولا يهدي ولا يتصدق، فإن فعل ذلك أجزأت، ولكنه يكون قد خالف السنة. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) أخرجه البخاري في كتاب «الأضاحي» باب «ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها» حديث (5569).
(2) أخرجه مسلم في كتاب «الأضاحي» باب «بيان ما كان من النهي عن أكل لحوم الأضاحي» حديث (1971).
(3) «الكافي» (1/424).
(4) جاء في «نهاية المحتاج» من كتب الشافعية (8/141-143): «(ويأكل ثلثا) أي يندب للمضحي عن نفسه أن لا يزيد في الأكل عليه لا أن المراد ندب أكل ذلك المقدار، إذ السنة أن لا يأكل منها إلا لقما يسيرة يتبرك بها، ودون ذلك أكل الثلث والتصدق بالباقي، ودونه أكل ثلث وتصدق بثلث وإهداء ثلث قياسا على هدي التطوع الوارد فيه ﴿فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير﴾ أي الشديد الفقر. (وفي قول) قديم يأكل (نصفًا) أي يندب أن لا يزيد عليه ويتصدق بالباقي».