حول الأذان والإقامة في أُذُن المولود

حكم الأذان والإقامة في أُذُن المولود

السؤال:

سؤالي حول الأذان والإقامة في أُذُن المولود، وما سمعته منه لم يصح في ذلك شيء،

وما قاله آخرون من أنه قد صحَّ الحديث في الأذان ولم يصح في الإقامة، حائر متخبط أرشدوني.

الجواب

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:

فإن اختلافَ المحدِّثين كاختلاف الفقهاء،

كما اختلف الفقهاء في كثير من الأحكام الشرعية اختلف المحدثون فيحكمهم على كثير من الأحاديث النبوية!

وحديث الأذان والإقامة في أُذُن المولود رواه أبو داود، والترمذي، والحاكم، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبي رافع قال:

رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذَّن في أُذُن الحسنِ بن علي حين ولدته فاطمة([1]).

وعمل به كثير من أهل العلم كابن القيم وغيره، وقد حسَّنه الترمذي وقال: «والعمل عليه عند أهل العلم».

وكان الشيخ الألباني حسنه أولًا ثم رجع عن ذلك.

والحسن من أقسام الصحيح في الجملة، والتفريق بين الحديث الصحيح والحديث الحسن لم يكن مشهورًا

عند المتقدِّمين من أهل الحديث كما هو مشهور عند المتأخِّرين منهم، فالمتقدِّمون كانوا يقسمون الحديث إلى:

(صحيح وضعيف)، ويقصدون بالصحيح: المقبول سواء كان صحيحًا أو حسنًا، وبالضعيف: المردود.

حتى جاء الترمذي رحمه الله وقسَّم الحديث إلى: (صحيح، وحسن، وضعيف).

قال ابن كثير رحمه الله: «هذا التقسيم بالنسبة لما في نفس الأمر، فليس هناك إلا صحيح وكذب»([2]).

وقد وجَّه ابن القيم في كتابه القيم «تحفة المودود» التأذينَ في أُذُن المولود بقوله فقال:

«سر التَّأذين- والله أعلم- أن يكون أولُ ما يَقرَع سمعَ الإنسان كلماته-أي: الأذان- المتضمِّنة لكبرياء الرب، وعظمته،

والشهادة التي هي أول ما يدخل بها في الإسلام، فكان ذلك كالتَّلقِين- له شعار الإسلام عند دخوله إلى الدنيا

كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها. وغير مستنكر وصول التأذين إلى قلبه، وتأثره به، وإن لم يشعر.

 مع ما في ذلك من فائدة أخرى: وهي هروب الشيطان من كلمات الأذان، وهو كان يرصده حتى يُولد،

فيقارنه المدة التي قدرها الله وشاءها، فيسمع شيطانه ما يضعفه، ويغيظه أول أوقات تعلقه به.

 وفيه معنى آخر: وهو أن تكون دعوته إلى الله، وإلى دينه الإسلام، وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان،

كما كانت فطرةُ الله التي فطر الناس عليها سابقةً على تغيير الشيطان لها، ونقله عنها، ولغير ذلك من الحكم»([3]).اهـ.

واختار الشيخُ ابن عثيمين استحبابَ الأذان في أُذُن المولود أولَ ما يُولد، تجد ذلك بصوته لو بحثت عنه.

وصرح بمشروعيته الشيخ بن باز وقال: هذا مشروع عند جمع من أهل العلم، وقد وردَ فيه بعضُ الأحاديث، وفي سندها مقال،

فإذا فعله المؤمن حسَنٌ؛ لأنه من باب السنن ومن باب التطوعات، والحديث في سنده عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن

الخطاب وفيه ضعف، وله شواهد.

فالمسألة في محلِّ الاجتهاد، والأمر في ذلك واسع، وما ورد في باب الأذان أقوى مما ورد في باب الإقامة. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________

([1]) أخرجه أبو داود في كتاب «الأدب» باب «في الصبي يولد فيؤذن في أذنه» حديث (5105)، والترمذي في كتاب «الأضاحي» باب «الأذان في أذن المولود» حديث (1514)، من حديث أبي رافع رضي الله عنه. وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

([2]) انظر «تدريب الراوي» للسيوطي (1/ 63).

([3]) «تحفة المودود» ص31.

 

يمكنكم الإطلاع على المزيد من فتاوى المناسك الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي

كما ويمكنكم متابعة كافة الدروس والمحاضرات والبرامج الخاصة بفضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي

تاريخ النشر : 30 يناير, 2022
التصنيفات الموضوعية:   06 المناسك

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend