كوَّن أحدُ الزُّملاء بالشَّركة بالاشتراك مع آخرين جمعية لأداء العمرة، على أن يقومَ المشتركون بأداءِ اشتراكٍ شهريٍّ لـمُدَّة خمس سنوات، وعن طريق القرعة بين المشتركين تدفع الجمعية أربعة آلاف جنيهٍ لمن سيُؤدِّي العمرة في السنة الأولى، وأربعة آلاف ومائتي جنيه لمن سيؤدِّي العمرة في السنة الثَّانية، وأربعة آلاف وأربعمائة جنيه لمن سيُؤدِّي العمرة في السنة الثَّالثة، وأربعة آلاف وستمائة جنيه لمن سيُؤدِّي العمرة في السنة الرَّابعة، وأربعة آلاف وثمانمائة جنيه لمن سيُؤدِّي العمرة في السنة الخامسة، وذلك بالتراضي بين المشتركين في الجمعية، وهذه الزِّيادة ستكون من استثمار أموالهم بطريقة حلال.
فهل زيادة مائتي جنيه للمعتمر الثاني عن الأول والثالث عن الثاني والرابع عن الثالث والخامس عن الرَّابع، هل هذه الزِّيادة حلال؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن كنا أمام مشروعٍ خيريٍّ مَبْنى الأمر فيه على الإيثار والتَّبرُّع فإن الأمرَ في التَّبرُّع واسعٌ، أمَّا إذا كنا أمام مشروع استثماريٍّ مبناه على الاستثمار والـمُشاحَّة ويدخل في باب المعاوضة فلابُدَّ من جملة اعتبار القواعد الضابطة لمشروعيَّة المضاربة؛ لأن تحديدَ مبالغ مُعيَّنة تُوزَّع على المستثمرين في عقود المضاربة لا يجوز، فالرِّبْح في المضاربات ينبغي أن يكونَ على الشيوع، ولا يجوز أن يكونَ مبلغًا مقطوعًا من المال، فإن هذا شرطٌ فاسد.
ولتصحيح هذه الـمُعاملة ينبغي أن ينصَّ على أن هذا المال يُستثمر لصالح أعضائه في الجملة، ثم يتَّفق المشاركون على التَّبرُّع لمن أراد العمرة منهم بمبلغٍ من المال يزيد أو ينقص وَفْق سياسة مُعيَّنة يتراضَوْن عليها، سواء أكان ذلك من الرِّبْح أم كان من رأس المال، إذا مضت الأمور على هذا النَّحو وكان مبناها التَّبرُّع الذي يقوم على المكارمة والإيثار والتغافر وطيب الخاطر فلا حرج. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.