بين إجزاء الحج لمن مات أثناءه ولم يكمل أركانه وقضاء وليه عنه

رجل ذهب للحج وتوفي يوم التروية: ويسأل وليُّه: هل سقطت عنه فريضة الحج؟
أستاذنا، سمعتُ أحدَهم في بريد الإسلام في إذاعة القرآن يُفتي بحجِّه، استنادًا لحديث: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»(1)، وأنكرت ذلك؛ لأنه لم يؤدِّ أعمالَ الحج، فلا تكفي النيةُ. فهل من ذهب لأداء صلاة العصر مثلًا ومات قبل أدائها يكون قد صلى العصر؟ والإجابة: لا.
علمًا بأنه قد فعل خيرًا يجزيه الله بنيته الصالحة.
وكان على المفتي أن ينصح وليَّه أن يحج عنه إن يُسر له ذلك، أو خلَّف تركةً تسع حجَّه، وذلك بعد حجِّ وليِّه عن نفسه. أرجو من فضيلتكم التصويب فيما عرضت.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن من شرع في فريضة ومات أثناء قيامه بها فقد أدَّى ما عليه، ولا يلزم وليُّه أن يقضي عنه ما فاته إلا على سبيل التنفل والاحتياط؛ لأن الرجلَ الذي وَقَصَتْه دابته بعَرَفة لم يأمر النبيُّ ﷺ أن يُتم الحجَّ عنه(1)، إنما يبقى على ما هو عليه حتى وإن كان ذلك فريضة.
وقد عنون البخاري في «صحيحه» فقال: باب المُحرِم يموت بعَرَفة، ولم يأمر النبي ﷺ أن يُؤدَّى عنه بقيةُ الحج. ثم ذكر حديث الرجل الذي وَقَصَته راحلته وهو واقف بعرفة(2).
قال القسطلانيُّ في «شرحه على البخاري» بعد قول المصنف: بقية الحج: «أي كرمي الجمار والحلق، وطواف الإفاضة؛ لأن أثر إحرامه باقٍ؛ لأنه يُبعث يوم القيامة مُلبِّيًا، وإنما لم يأمر النبي ﷺ أن يُؤدَّى عنه بقيةُ الحج؛ لأنه مات قبل التمكن من أداء بقيته، فهو غير مُخاطَب به، كمن شرع في صلاة مفروضة أول وقتها فمات في أثنائها، فإنه لا تبعة عليه فيها إجماعًا»(3). انتهى من كلام القسطلاني.
وفرق بين من مات ولم يشرع في الفريضة فلا تزال دينًا في عنقه، وأما من شرع فيها وبذل في ذلك الجهد والمال وتحمَّل عناء السفر ثم أدركته المنية فقد أدى ما عليه. والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الحج» باب «ما يفعل بالمحرم إذا مات» حديث (1206) من حديث ابن عباس.

(2) أخرجه البخاري في كتاب «الحج» باب «المحرم يموت بعرفة» حديث (1850) من حديث ابن عباس.

(3) «إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري» (3/319).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 المناسك

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend