الخروج من الهجر استعدادًا لأداء العمرة

يوجد خصامٌ بيني وبين أخي وبين خالتي في مشكلة معينة ظلموني فيها وتجنَّوا عليَّ فيها، أنا الآن سوف أذهب لأداء العمرة ولا أُريد أن أُصالحهم، فهل يجوز لي أداء العمرة وأنا في حالة خصامٍ معهم أم شرط أن أُصالحهم قبل أداء العمرة؟ وما حكم الدِّين في ذلك؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن المشروعَ لمن يُريد الحجَّ أو العمرة أن يُبادر إلى التَّوْبة، وأن يتحلَّل من المظالم، وأن يخرج من الهجر، فلا يَحِلُّ لمسلمٍ أن يهجر أخاه فوق ثلاثٍ، يلتقيان فيُعرض هذا ويُعرض هذا، وخيرُهما الذي يبدأ بالسَّلام(1)، وقد حضَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم  على إصلاح ذات البين وبيَّن أنه يَفضُل درجةَ الصَّلاة والصِّيام والصَّدَقة، وحذَّر النبيُّ صلى الله عليه سلم من فسادِ ذات البين فقال: «إِيَّاكُمْ وَفَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَإِنَّهَا الْـحَالِقَةُ، أَلَا لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ، وَلَكِنَّهَا تَحْلِقُ الدِّينَ»(2)، ولاسيَّما أن خصومتك أيُّها المستفتي الكريم مع ذوي رحمك، أنسيت أن الخالةَ والدةٌ، واعلم أنه ليس الواصل بالمكافئ، بل الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها(3)، فبادِرْ إلى الخروج من إثم القطيعة قبل سفرك، واعلم أنه ما ظلم عبدٌ مظلمةً فقابلها بعفوٍ إلا زاده اللهُ بذلك عزًّا(4). زادك اللهُ عزًّا وهدًى وتقًى. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) ففي الحديث المتفق عليه الذي أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «الهجرة» حديث (6077)، ومسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر» حديث (2560) من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «لَا يَحِلُّ لِـمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ؛ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ».

(2) فقد أخرج أحمد في «مسنده» (6/444) حديث (27548)، وأبو داود في كتاب «الأدب» باب «في إصلاح ذات البين» حديث (4919)، والترمذي في كتاب «صفة القيامة والرقائق والورع» باب «ما جاء في صفة أواني الحوض» حديث (2509) من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ». قالوا: بلى. قال: «صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْـحَالِقَةُ». وقال الترمذي: هذا حديث صحيح، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم  أنه قال: «هِيَ الْـحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ».

(3) أخرجه البخاري في كتاب «الأدب» باب «ليس الواصل بالمكافئ» حديث (5991) مرسلًا عن حسن وفطر رحمهما الله.

(4) فقد أخرج الترمذي في كتاب «الزهد» باب «ما جاء أن الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» حديث (2325) من حديث أبي كبشة الأنباري رضي الله عنه  وفيه: «ولا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عليها إلا زَادَهُ الله عِزًّا»، وقال الترمذي: «حديث حسن صحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   06 المناسك

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend