يحدث في بعض الجنائز الخاصة بمن يقتل في المظاهرات أن تتحول الجنازة إلى مسيرةٍ للهتاف للشهداء وضد الظالمين، فهل هذا جائزٌ؟
خاصة أن مثل هذه الجنازات مكانٌ لتجمع الكثير من الناس الذين يُرجى أن ينضموا إلى صفوف المعارضين للظلم أو لتوعيتهم.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فمع تقديرنا للعواطف المشبوبة والمشاعر المتوقِّدة في مثل هذه المشاهد- إلا أن تشييع الجنائز- كما لا يخفى- عبودية لله عز وجل، فينبغي فيها الوقوفُ عند معالم السُّنَّة، وهدي السلف الصالح رضوان الله عليهم، وقد حُملت جنائزُ كثيرٍ من أكابر الصحابة وخيارهم بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ومنهم المصابون في المعارك كسعد بن معاذ رضي الله عنه، ومع ذلك لم يكن الصوت يُرفع مع الجنازة بذكر ولا بغيره، ولو فُعل لنقل، ولو كان خيرًا لسبقونا إليه.
فرفعُ الصوت مع الجنازة بالذِّكر أو بالهتافات بدعةٌ، ولا يجوز اتخاذُه شعارًا لجنائز المسلمين.
وقد نص على ذلك الأئمة من قبل، فعن قيس بن عباد- وهو من كبار التابعين- قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند الجنائز([1]).
وقال النووي رحمه الله
تعالى: «واعلم أن الصوابَ والمختارَ وما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوتُ في
حال السَّير مع الجنازة، فلا يُرفع صوتٌ بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك. والحكمة فيه
ظاهرةٌ، وهي أنه أسكن لخاطره، وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة، وهو المطلوب في
هذا الحال»([2]). والله تعالى
أعلى وأعلم.
([1]) أخرجه البيهقي في «الكبرى» (4/74) حديث (6974).
([2]) «الأذكار» للنووي ص127.