هل يعد الإسراء والمعراج مما علم من الدين بالضرورة؟ وهل يعد منكره كافرًا؟ وما حكم من اعتبره مجرد رؤية منامية؟ وهل صح ذلك عن عائشة ومعاوية وحذيفة بن اليمان؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن منكر أصل الإسراء كافر بإجماع المسلمين؛ لأن الله جل وعلا قد جعل ذلك قرآنًا يتلى، وكذلك القول في منكر المعراج عند الجمهور لثبوت ذلك في السنة المطهرة وإجماع أهل العلم على ذلك، ولا عبرة بخلاف من شذ في ذلك.
أما من زعم أنه كان رؤيا منامية؛ فقد خالف الحق وجانب الصواب، ولكنه لا يكفر بذلك؛ لأن هذا مما اختلف فيه الناس، وهو من دقائق العلم التي قد يجهلها بعض العامة؛ فقد نقل عن أم المؤمنين عائشة ومعاوية أن ذلك كان بالروح، ولم يفقد جسده، ولكن بقي أن تعرف الفرق بين من يقول بأن ذلك كان بالروح فقط ومن يقول إنه كان منامًا.
فعائشة ومعاوية ب لم يقولا: كان منامًا، وإنما قالا: أسري بروحه، ولم يفقد جسده، وفرق ما بين الأمرين أن ما يراه النائم قد يكون أمثالًا مضروبة للمعلوم في الصورة المحسوسة، فيرى كأنه قد عرج إلى السماء وذهب به إلى مكة، وروحه لم تصعد ولم تذهب، وإنما ملك الرؤيا ضرب له المثال. فما أرادا أن الإسراء كان منامًا، وإنما أرادا أن الروح ذاتها أسري بها؛ ففارقت الجسد ثم عادت إليه، ويجعلان هذا من خصائصه، فإن غيره لا تنال ذات روحه الصعود الكامل إلى السماء إلا بعد الموت. ولكن الصحيح الذي عليه السواد العظم من العلماء أن الإسراء والمعراج كان بالروح والجسد يقظة لا منامًا. والله تعالى أعلى وأعلم.