كيف يُمكن الجمع بين قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [التوبة: 23]، وقوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾} [لقمان: 14- 15]؟
وهل يعني هذا أن موالاتهم شيء ومصاحبتهم في الدنيا معروفًا شيء آخر؟ وهل الموالاة تعني الاتباع في الدين والمظاهرة والمناصرة في الباطل، بدليل قوله تعالى: ﴿وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ﴾ [لقمان: 15]؟
وكيف نجمع بين جواز صلة الرحم الفاسقة والكافرة مع عدم اتخاذهم أولياء؟ أرجو التوضيح والبيان.
الجواب:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا يوجد تعارض بين صلة الرحم وإن كانت غير مسلمة وكون الولاء وقفًا على جماعة المسلمين؛ لأن الموالاة شيء وحسن التعامل مع المسالمين لأهل الإسلام من غير المسلمين شيء آخر، وقد علمت قول الله ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].
إن الموالاة تُطلق على عدة معانٍ ترجع في النهاية إلى الحب والنصرة، ومحبة أهل الدين محبة دينية لا تنفي ما تُنشئه القرابة والصلات الاجتماعية والمصالح البشرية من مودة ومحبة جبلية، ما لم يتضمن مشايعة على باطل، أو انتقاصًا من حق، ولا تتعارض مع البر والقسط الذي أُمرنا به في التعامل مع المسالمين من غير المسلمين من ناحية أخرى. والله تعالى أعلى وأعلم.