كلنا نعلم ما يجري في الدول الإسلامية من غضبٍ حيال نشر مقطع من فيلم مسيء للرسول .
والسؤال: ما حكم الهجوم على السفارات الأمريكية؟ علمًا بأنهم سفراء الحكومة الأمريكية التي لا تمانع نشر الفيلم بحجة حرية التعبير.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن السفارات الأجنبية أمريكية كانت أو غير أمريكية لها حُرمة السفارات الإسلامية من حيث صيانتها وعدم المساس بها! إنها في خفارة الإسلام وفي ذمة الأمة، ومهما بلغ غضبنا من دولة من الدول فلا يحل لنا المساس بسفارتها داخل بلادنا، وينبغي أن نذكر أن لنا سفارات كذلك في بلادهم، ولو فتح باب العدوان على السفارات لانهارت منظومة العلاقات الدولية، كما ينبغي أن نذكر كذلك أن لنا أقليات مسلمة تعيش بين أظهر هذه الدول وتلك المجتمعات، وأن نذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرسولَي مسيلمة وقد أعلنا أمامه إيمانهما بما يقوله كذاب اليمامة مسيلمة: «لَوْلَا أَنَّ الرَّسُلَ لَا تُقْتَلُ لَضَرَبْتُ أَعْنَاقَكُمَا»(1).
وقصارى ما يمكن أن نفعله أمام هذه السفارات هو التظاهر السلمي للتعبير عن رأي أو إظهار عاطفة وتبليغ رسالة، فإن بلغت إساءة الدول صاحبة هذه السفارات ذروتها، وبلغ الغضب من إساءاتها ذروته، يكون الاحتجاج أمام الجهات المعنية الوطنية، كوزارة الخارجية مثلًا لتعليق العلاقات الدبلوماسية وإبعاد الدبلوماسيين، فيكون الضغط على من يملك القرار داخل دولنا لإنهاء هذه العلاقات وإبعاد السفراء، أما ترويع هؤلاء المستأمنين، والقفز على سفاراتهم، وتطويقها أو تخريبها فلا يحل. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أبو داود في كتاب «الجهاد» باب «في الرسل» حديث (2761)، والحاكم في «مستدركه» (2/155) حديث (2632)، من حديث نعيم بن مسعود بن عامر رضي الله عنه ، وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه».