السؤال: كيف يعالج الإسلام معاملة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأمريكية؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن قصة الرهون العقارية التي فجَّرت الأزمة المالية داخل الولايات المتحدة ثم انتقلت منها إلى الصعيد العالمي تبدأ بقرض ربوي يقترضه مشتري البيت من البنك ليدفعه إلى مالك العقار، ثم يرتهن البيت لسداد هذا القرض، ثم يعيد البنك بيعَ هذا القرض لبيت تمويل أكبر ليتمكن من معاودة الكرَّة، فيأخذ الـمُقرض الجديد رهنًا على نفس البيت، ثم يعيد تصكيك هذه الديون في صورة سندات بفائدة ربوية مضمونة بنفس البيت، ثم تبدأ دورة إقراض جديدة عندما يُعاد تقويم البنك بعد ارتفاع قيمته للحصول على قرض جديد يضمن بنفس البيت، ثم تُعاد الدورة كسابقتها والضمان على نفس البيت.
وبالإضافة إلى ذلك فإنه منذ اليوم الأول يؤمَّن على هذا البيت لدى شركة تأمين ترى حقوقها مضمونة بنفس البيت، ثم تعيد التأمين لدى شركات أكبر ترى بدورها الضمان على نفس البيت، وهكذا…
تُرى كم مرة ارتهن هذا البيت؟! وكم دينا ضمن؟! وكم من الدائنين يتنازعون في ملكيته ويتعاقبون عليها؟! والشريعة براء من ذلك كله! إنها تمنع الاقتراض بالربا من البداية إلا لضرورة مُلجئة، وتمنع ارتهان العقار إلا لدائن واحد، فإذا شغل العقار برهن فلا يجوز أن يرتهن مرة أخرى إلا إذا تنازل المرتهن الأول عن حقه، حتى يكون الرهن رهنًا حقيقيًّا يُحقق مقصوده شرعًا وهو ضمان الحق الذي ارتهن من أجله!
والذي أود أن أؤكد عليه أن الرغبة في تملك بيت للإيواء رغبة مشروعة، ولكن ينبغي أن يُسلك إلى تحصيلها السبل المشروعة، ومن ذلك الصيغ الشرعية المعروفة كالبيع بالتقسيط مع زيادة الثمن مقابل الأجل، ولكن هذه الزيادة في عقد بيع وليس في عقد قرض، ومنها المشاركة المنتاقصة المنتهية بالتمليك، أو الإجارة المنتهية بالتمليك، وغير ذلك من الصيغ الكثيرة المعروفة.
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه. والله تعالى أعلى وأعلم.