استثمار الأموال في بورصة العملات في بريطانيا

فضيلة الدكتور صلاح الصاوي حفظك الله، أخي مقيم في بريطانيا، ويسأل عن حكم استثمار ماله في بورصة العملات، مثل أن يشتري العملة الأمريكية بالعملة البريطانية وينتظر لحين تغيُّر أسعار العملات بما يُحقِّق له الربح، فيبيع ما اشتراه من عملة وهكذا، علمًا بأن من سيباشر له هذا العمل شركةُ سمسرة متخصصة في هذا الأمر، وتأخذ عمولة أو أجرة على قيامها بهذا العمل. وجزاكم الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن الأصل في التجارة بالعملات أنها تجارة مشروعة بالشروط الشرعية المعتبرة، أي بشرط التماثل والتقابض عند اتحاد العملة، أو التقابض فقط عند اختلافها، فإذا بعت دولارًا بجنيه فلابد من التقابض، لحديث «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ، يَدًا بِيَدٍ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ»( ).
قال النووي: «قوله: يدًا بيدٍ، حُجَّة للعلماء كافة في وجوب التقابض وإن اختلف الجنس»( ).
ولا يحدث التقابض في بورصة العملات، وقد تشوبُها أسبابٌ أخرى للفساد:
• فقد يتمُّ العمل بناءً على ما يسمى ببيع الهامش (margin trading)، ويقوم فيه السمسار بإقراض العميل مبلغًا من المال يوازي أضعاف المبلغ الأساس الذي وضعه العميل، وهذا محرَّم؛ لأن القرض ربوي، ويشترط السمسار على العميل أن يتاجر بالعملات من خلاله، فقد استفاد السمسار من جراء القرض، وهذا محرَّم؛ لأنه من القرض الذي جَرَّ نفعًا.
• إذا لم يكن البيع على طريقة الهامش، فإنه من المعلوم من واقع كثير من الممارسات المعاصرة في بيع العملات أنها لا تتفق مع الضوابط الشرعية في القبض، بل غالب ما يتم ليس بيعًا للعملة ذاتها، بل بيع لها على المكشوف، وهذا مما لا يصح.
• بل إنَّ جعلَ العملات مجالًا للمضاربة أمرٌ فيه ضرر بالغ للاقتصاديات التابعة للعملة، وقد نهى السلف رحمهم الله عن جعل العملات مجالًا لذلك، فالأصل أننا نتاجر بالنقود ولا نتاجر في النقود.
وهذا سبب التحفُّظ، فإن وجدْتَ صورةً لا يتخلَّف فيها التقابض، وخلت من أسباب الفساد الأخرى، جاز التعامل بها. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend