أخذ المسلمين في أمريكا من المساعدات الحكومية (فود ستامب) بغير استحقاق

شيخي الفاضل بارك الله فيك ورفع مكانتك في الصالحين من عباده.
شيخي ما حكم الأخذ من المساعدات الحكومية (فود ستامب)؟ هل هذا من قبيل الحقوق أم من قبيل الصدقات وإعانة المحتاجين ومن كان لهم دخل لا يكفيهم الكفاية التامة؟
وهل يجوز للقادر المكتسب، أو من يملك الكفاية أن يلجأ إلى ذلك؟
وما نصيحتك للذين يحتالون ويكذبون من أجل الحصول على ذلك؟
ما هي النظرة الشرعية العامة لهذا الأمر وخاصة ونحن في بلد يُنظر إلى الإسلام من خلالنا؟ جزاك الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد أصبت بسؤالك هذا قضية حساسة مما عمَّت به البلوى في بعض الجاليات في هذا المجتمع، وخطورتها أن سوء التعامل معها قد يرسم صورةً قاتمة عن الإسلام وأهله في هذه المجتمعات التي ينبني كثير منهم مواقفه على الانطباع قبل الاقتناع.
هذه المعونات أيها الموفق حق للمحاويج، كالقاعد عن العمل لبطالة أو زمانة أو عجز طارئ، أو لعدم تحصيله من عمله حد الكفاية، والقوانين التي تنظمها وترسم سياساتها ينبغي اعتبارها، والأصل أن «الْيَد الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى»(1). وأن السعي لتحصيل الرزق أرضى لله من التسكُّع والبطالة والاعتماد على هذه المعونات.
والأفحش من ذلك أن تُؤخذ هذه المعونات على سبيل الانتهاب والاستكثار من المال في غير ما حاجة ماسة إلى ذلك، ويبلغ الفحش منتهاه عندما يلجأ هؤلاء إلى الكذب والاحتيال والغش والتدليس، وقد روى مسلم عن قبيصة بن مخارق الهلالي رضي الله عنه قال: تحملت حمالةً فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها فقال: «أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ فَنَأْمُرَ لَكَ بِهَا». ثم قال: «يَا قُبَيْصَةُ، إِنَّ الْـمَسْأَلَةَ لَا تَحِلُّ إِلَّا لِأَحَدِ ثَلَاثَةٍ: رَجُلٍ تَحَمَّلَ حمَالَةً فَحَلَّتْ لَهُ الْـمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَهَا ثُمَّ يُمْسِكَ، وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ فَحَلَّتْ لَهُ الْـمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قَوَامًا مِنْ عَيْشٍ- أو قال: سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ- وَرَجُلٍ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُولَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْـحِجَا مِنْ قَوْمِهِ: لَقَدْ أَصَابَتْ فُلَانًا فَاقَةٌ، فَحَلَّتْ لَهُ الْـمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قَوَامًا مِنْ عَيْشٍ- أو قال: سَدَادًا مِنْ عَيْشٍ- فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْـمَسْأَلَةِ يَا قُبَيْصَةُ فَسُحْتٌ يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا سُحْتًا»(2).
ونود ألا تمثل هذه المواقف صدًّا للناس عن سبيل الله، وفتنة لهم، وكنتُ أرجو أن تكون صحائف الجاليات المسلمة في هذه القضية مشرقةً ناصعة البياض تغري الناس بالالتفات إلى الإسلام والإصغاء لدعاته، وقديمًا قالوا: حال واحد في ألف واحد خير من مقال ألف واحد في واحد. والله نسأل أن يرزقنا الهدى والتقى والعفاف والغنى. والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «الزكاة» باب «لا صدقة إلا عن ظهر غنى» حديث (1428) ، ومسلم في كتاب «الزكاة» باب «بيان أن اليد العليا خير من اليد السفلى» حديث (1034) ، من حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه.

(2) أخرجه مسلم في كتاب «الزكاة» باب «من تحل له المسألة» حديث (1044).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend