ممارسة المرأة الأنشطة الرياضية

1. هل يجوز مباشرة الرياضة في الأندية المختلطة مع التحوُّط باختيار أوقات لا تزدحم فيها بروادها، ومع الالتزام باللباس الشرعي؟ وما هي ضوابط ممارسة المرأة للرياضة في الجملة؟
2. هل يجوز للمرأة ممارسةُ بعض الأنشطة الرياضية في الشارع على نحو ما جرت به عادة القوم هنا كالجريِ وركوبِ الدَّراجة ونحوه؟
3. هل يجوزُ للمرأة التردُّد على أندية تخفيفِ الوزن وحفظ الصحة والشباب وأن يكون لها مدرب أو مدربة خاصة؟
4. هل يجوز للمرأة أن تقوم بتدريب اللياقة في الأندية العامة للنساء أو ما اختلط برجل؟
5. هل يجوز للمرأة المشاركةُ في أنشطة رياضية عامة كسباق الماراثون أو الدراجات؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن النساء شقائق الرجال(1)، أي مثيلاتهن في الأحكام، فكلُّ تكليف خُوطب به الرجال فعلى النساء مثله، وكل رخصة شرعت للرجالِ فللنساء مثلها، إلا ما ورد فيه الدليلُ على تخصيص الرجال به؛ ولهذا فلا يُعرف من يُجادل في أنَّ الأصل في ممارسة المرأة للرياضة بضوابطها الشرعية هو الإباحة، وقد ترتقِي إلى النَّدب إن كان لها في ذلك نيةٌ صالحة، كما لو نَوَت بها التقوِّي على عبادة الله عز وجل، أو حُسن التبعل لزوجها بالمحافظة على لياقتها واستقامة قوامها، وهو من عبادة الله كذلك، فإن جهاد المرأة حُسن التبعل(2).
وقد قال ابن القيم في «إغاثة اللهفان» بخصوص المسابقة: «وهي دائرة بين الاستحباب والإباحة بحسب الباعث على ذلك، فكما أن زكاةَ القلب موقوفة على طهارته، فإن زكاة البدن موقوفة على استفراغه من أخلاطه الرديئة»(3). ولا يتحقق ذلك إلا بالمداومة على ممارسة الرياضة ذكرانًا وإناثًا.
وإنما يأتي الخلافُ في تفصيل القول في هذه الضوابط، وتلك الشروط التي لابد من تحققها لاستيفاء شرعيَّة الرياضة النسائية، وفيما قد يتخفف فيه منها، عند شيوع البلوى وعموم الحاجة ونحوه.
ولعل آكد هذه الشروط ما يلي:
1. ستر العورات، وتجنب ممارسة الرياضة على ملأ من غير المحارم؛ فقد جرَت العادة على التخفف من كثير من الملابس أثناء الرياضة، وهذا إن سوغته بعض الثقافات الوضعية، أو الديانات المحرَّفة، فإنه لا يسوغ بالنسبة للمرأة المسلمة التي جاء تفصيل القول في حجابها في كتاب ربها، في قوله تعالى:{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور: 31].
فلا ينبغي لمثلها أن تكشف شيئًا مما أمرها الله بسَتره لا في الرياضة ولا في غيرها، فإن الرياضةَ لا تُحلُّ حرامًا ولا تحرم حلالًا، فالحلالُ ما أحلَّه الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله(4)، والدين ما شرعه الله ورسوله.
ولما كان الشأن في كثير من الأنشطة الرياضة أنها تحتاج إلى ليونة في الجسد، ومرونة في الحركة، ومعالجات ومتابعات خاصة، فإنه لا ينبغي لأحد من غير المحارم أن يطلع على المرأة أثناء القيام بهذا النوع من الرياضة، وذلك بأن تكون في مكان لا يطلع عليه الرجال، سواء أكان ذلك داخل بيت من البيوت، أم كان قاعة مغلقة مخصصة للنساء في نادٍ من الأندية، مع الحذر من آلات التصوير، ومع التأكد أن يكون الطاقم المشرف من النساء، كالمدرب والحكم والطاقم الطبي والإدارة، ونحوه، أم كان في فراغ من الأرض بعيدًا عن عيون الرجال من غير المحارم.
أما الرياضة التي تقتضي شيئًا من ذلك، كرياضة المشي مثلًا، فلا حرج في مزاولتها في الطرقات العامة، على أن تكون ملتزمة بحجابها وعفافها.
فعن عائشة رضي الله عنها قالت: خرجتُ مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره وأنا جارية، لم أحمل اللحم ولم أبدن، فقال للناس: «تَقَدَّمُوا». فتقدموا، ثم قال لي: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ». فسابقته فسبقته، فسكت عني. حتى إذا حملتُ اللحم وبدنت ونسيت، خرجت معه في بعض أسفاره، فقال للناس: «تَقَدَّمُوا». فتقدموا، ثم قال: «تَعَالَيْ حَتَّى أُسَابِقَكِ». فسابقته فسبقني، فجعل يضحك وهو يقول: «هَذِهِ بِتِلْكَ»(5). وجاء في بعض الروايات: أن سَبْقه لها في المرة الثانية كان لثقل جسمها وسمنتها(6).
قال الشوكاني في «نيل الأوطار»: «وفي الحديث دليلٌ على مشروعية المسابقة على الأرجُل، وبين الرجال والنساء المحارم، وأن مثل ذلك لا يُنافي الوقار والشرف والعلم والفضل وعلو السِّن؛ فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يتزوَّج عائشة إلا بعد الخمسين من عمره»(7).
وفي قوله صلى الله عليه وسلم للناس: «تَقَدَّمُوا». دليل على تجنُّب ممارسة الرياضة على ملأ من الناس بحيث يراها الرجال، ومن أجل تجنيب النساء ما يُعرِّضهن للتكشُّف لم يشرع الرَّمَل في حقهن في السعي أو الطواف، وقد أشار ابن قدامة رحمه الله إلى الحكمة في ذلك فقال: «قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أنه لا رَمَل على النساء حول البيت، ولا بين الصفا والمروة، وليس عليهن اضطباع؛ وذلك لأن الأصل فيهما إظهار الجَلَد، ولا يُقصَد ذلك في حق النساء؛ ولأن النساء يقصد فيهن الستر، وفي الرَّمَل والاضطباع تعرضٌ للتكشُّفِ.
ومن أجل ما تقدم فإنه ينصح أن تكون ممارسةُ النساء للرياضة في البيوت عندما تكون مهيَّأةً لاستيعاب ذلك، لاسيما مع وجود الأجهزة الرياضية التي وفرت كثيرًا من الإمكانات في هذا المجال.
كما يوصى بإعداد الأندية النسائية، أو بتخصيص قاعات للنساء في الأندية العامة تتوفر لهن فيها الخصوصية، ويأمن مِن أن يطلع أحدٌ على عوراتهن.
ونُؤكد أنه ليست البيوت شرطًا في ممارسة الرياضة النسائية، بل يمكن لهن ممارستها في فضاء بحيث لا يراهن الرجال، فإن مدارَ الأمر على التستُّر وعدم اطلاع غير المحارم عليهن، ولم تكُن البيوت فيما مضى مهيأةً لممارسة رياضة، بل كان مكانها الطبيعي متسعًا من الأرض في منطقة خالية، وقد كانت مسابقة النبي صلى الله عليه وسلم لأُمِّنا عائشة في فراغٍ أثناء سفر، ولم يكن ذلك داخل بيته صلى الله عليه وسلم، الذي لم يكن لصغره مهيَّأً لذلك بطبيعة الحال، فقد كانت مساحةُ البيت النبوي عشرة أذرع في سبعة أذرع، كما هو معلوم من كتب السير.
وعلى هذا فإذا لم تتيسر الأندية النسائية الخالصة، وتهيَّأ وقت في هذه الأندية المختلطة، تكون خالية من الرجال، كأوقات العمل في الصباح مثلًا ونحوه- فلا حرج في ذهاب المرأة إليها عند الحاجة إلى ذلك، مع محرم أو نسوة ثقات.
2. تجنب الرياضات العنيفة التي لا تتلاءم مع أنُوثة المرأة أو تضرُّ بمن يمارسها؛ فالألعاب العنيفة قد تُضعف أنوثةَ المرأة، أوحتى تُفقدها أنوثتها في بعض جوانبها، وقد تسبب لها أضرارًا لا يقوى جسدها الرخو على احتمالها؛ ولهذا فإن الأصل تجنُّب مثل هذه الألعاب التي صارت عَلمًا على الرجال، وتحتاج إلى قوة مضاعفة، وحركة زائدة، لا تتلاءم مع أنوثة المرأة ووظيفتها، وقد لعنت الشريعة المرأة المترجلة(8)، ويرجع في تحديد هذه الألعاب إلى أهل الذِّكر من الأطباء والمتخصصين، وللعرف مدخلٌ في ذلك، فإن العَادةَ متبعَةٌ والعرفُ مُحَكَّم في مثل ذلك.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال(9).
وقد أورد النووي هذا الحديث في «رياض الصالحين» تحت باب: تحريم تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، في لباس وحركةٍ وغير ذلك(10).
3. عدم الاستغراق في ذلك بما يُؤدِّي إلى إضاعة الواجبات الدينية أو حقوق الزوج والأقربين؛ فلا يجوزُ أن تشغل المباحات عن الواجبات، وإذا كان للنفس حقٌّ فإن للأهل حقًّا وللزوج حقًّا، ولفرائض الله حقوقًا، ولا يقبل الله نافلةً حتى تُؤدَّى الفريضة، وعلى المكلف أن يؤدي لكل ذي حقٍّ حقَّه(11).
4. صيانة العفاف، وحراسة الفضيلة، والتحلِّي بمكارم الأخلاق إبان ممارسة الرياضة، فإذا كانت العادةُ قد جرت على التبذُّل وترك التصوُّن أثناء ممارسة الرياضة، فلا ينبغي للمرأة المسلمة أن تنزلق إلى شيء من ذلك، بل تُمارس حقَّها في الرياضة والترويح عن النفس في إطار التوقُّر والصيانة والعفاف، فيجب الالتزامُ بالآداب الإسلامية العامة من غضِّ البصر، وعدمِ التكسُّر، ورفع الصوت ونحو ذلك، كما يُستحبُّ- كما أشرنا فيما سبق- أن تكون مع محرم أو مجموعة من النسوة الثقات.
5. خلوها من القمارِ والمراهنة المحرمة؛ ففي الحديث: «لَا سَبْقَ(12) إِلَّا فِي نَصْلٍ أَوْ خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ»(13)، ومعناه كما جاء في «عون المعبود شرح سنن أبي داود»: «أن الجعل والعطاء لا يُستحق إلا في سباق الخيل والإبل وما في معناهما، وفي النصل وهو الرمي، وذلك أن هذه الأمور عُدة في قتال العدو، وفي بذل الجُعل عليها ترغيب في الجهاد وتحريض عليه، وأما السباق بالطير والرَّجْل وبالحمام وما يدخل في معناه مما ليس من عدة الحرب، ولا من باب القوة على الجهاد، فأَخْذ السبق عليه قمارٌ محظور لا يجوز»(14).
فدل ذلك على أن السَّبْق- وهو ما يبذله المتراهنون أو اللاعبون من عوض يقامرون عليه- مُحرَّمٌ إلا في هذه الثلاثة؛ لأنها من آلات الحربِ المأمور بتعلمها وإحكامها والتفوق فيها، فهي من الجهاد وتوابعه.
وأما المسابقة على ما سوى ذلك من الألعاب المباحة، فإنها إن كانت بغير عوض فلا حرج فيها، ولا خلاف في جوازها.
قال ابن عابدين في «الدر المختار»: «السباق بلا جُعل يجوز في كل شيء»(15). اهـ.
مع مراعاة عدم الاستغراق في هذه الأمور، وألا يبلغ به الأمر مبلغَ التعصب لهذا الفريق أو ذاك، بحيث يجعله مَعقِدَ ولاءٍ وبراء، وألا يجرَّه ذلك إلى التفوُّه بما يغضب الله تعالى من سبٍّ أو قذف ونحوه، وألا يشغله ذلك عما افترضه الله عليه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: «نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ»(16).
وعن أبي برزة الأسلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ»(17).
قال ابن قدامة في «المغني»: «المسابقة على ضربين: مسابقة بغير عوض، ومسابقة بعوض. فأما المسابقةُ بغير عوضٍ فتجوز مطلقًا من غير تقييدٍ بشيء معين, كالمسابقة على الأقدامِ والسفن والطيور والبغال والحمير والفِيَلَة والمزاريق(18), وتجوز المصارعة ورفع الحجر ليُعرف الأشدُّ وغير هذا. وأما المسابقة بعوض فلا تجوز إلا بين الخيل والإبل والرمي؛ لأنها من آلات الحرب المأمور بتعلمها وإحكامها والتفوق فيها, وفي المسابقة بها مع العوض مبالغةٌ في الاجتهاد في النهاية لها»(19). اهـ.
وقال النووي في «المنهاج»: «تصحُّ المناضلةُ على سهام، وكذا مزاريق ورماح ورمي بأحجار ومنجنيق، وكل نافع في الحرب على المذهب. لا على كرةِ صولجان وبندق وسباحة وشِطرنج وخاتم، ووقوف على رجلٍ، ومعرفة ما في يده، وتصحُّ المسابقةُ على خيلٍ، وكذا فيل وبغل وحمار في الأظهر، لا طير وصراع في الأصح»(20). اهـ.
وأما إن كانت بعوضٍ فجمهور العلماء على منعها(21)؛ لأن كل واحد منهم لا يخلو من غُنمٍ أو غُرم، إلا في الحالات الآتية:
1- يجوز أخذ المال في المسابقة إذا كان من الحاكم أو من غيره، كأن يقول للمتسابِقَيْن: من سبق منكم فله هذا القدر من المال.
2- أن يُخرج أحد المتسابقين مالًا فيقول لصاحبه: إن سبقتني فهو لك، وإن سبقتك فلا شيء لك عليَّ ولا شيء لي عليك.
3- إن كان المالُ من متسابقين أو من جماعة متسابقين وأدخلوا بينهم محللًا، وذلك بأن يكون معهم آخر يأخذ هذا المال إن سبق، ولا يغرم إن سُبق.
وخالفَ في هذا الشرط ابنُ تيمية وابنُ القيم فلم يشترطوا ذلك، وفي المسألة تفصيلٌ يطلب من مظانِّه في كتب الفروع.
هذا ما تيسر تدوينه في إجابة هذه الأسئلة. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________________

(1) ففي الحديث الذي أخرجه أحمد في «مسنده» (6/ 256) حديث (26238)، وأبو داود في كتاب «الطهارة» باب «في الرجل يجد البلَّة في منامه» حديث (236)، والترمذي في كتاب «الطهارة» باب «ما جاء فيمن يستيقظ فيجد بللًا ولا يذكر احتلامًا» حديث (113)، من حديث عائشة رضي الله عنها، وفيه: «إِنَّمَا النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2863).

(2) فقد أخرج البيهقي في «شعب الإيمان» (6/ 421) حديث (8743)، وابن عبد البر في «الاستيعاب» (4/ 1787 – 1788) حديث (3233) من حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها: أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم وهو بين أصحابه فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، وأعلم نفسي لك الفداء أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا أو لم تسمع إلا وهي على مثل رأيي، إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنا معشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم، وإنكم معاشر الرجال فُضلتم علينا بالجُمع والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإن الرجل منكم إذا أخرج حاجًّا أو معتمرًا ومرابطًا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أولادكم، فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟ فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه بوجهه كله، ثم قال: «هَلْ سَمِعْتُمْ مَقَالَةَ امْرَأَةٍ قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ مَسْأَلَتِهَا فِي أَمْرِ دِينِهَا مِنْ هَذِهِ؟». فقالوا: يا رسول الله، ما ظنننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا. فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إليها ثم قال لها: «انَصْرِفِي أَيَّتُهَا الْـمَرْأَةُ وَأَعْلِمِي مَنْ خَلْفَكِ مِنَ النِّسَاءِ أَنْ حُسْنَ تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا وَطَلَبَهَا مَرْضَاتَهُ وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ». فأدبرت المرأةُ وهي تهلل وتكبر استبشارًا.

(3) «إغاثة اللهفان» ص49.

(4) فقد أخرج الترمذي في كتاب «اللباس» باب «ما جاء في لبس الفراء» حديث (1726)، وابن ماجه في كتاب «الأطعمة» باب «أكل الجبن والسمن» حديث (3367) من حديث سلمان رضي الله عنه، قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السمن والجبن والفراء قال: «الْـحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالْـحَرَامُ مَا حَرَّمَ االلهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ»، وحسنه الألباني في «صحيح سنن ابن ماجه» (3367).

(5) أخرجه بلفظه أحمد في «مسنده» (6/264) حديث (26320).

وأخرج نحوه في «مسنده» (6/129) حديث (25025)، وأبو داود في كتاب «الجهاد» باب «في السبق على الرجل» حديث (2578)، وابن ماجه في كتاب «النكاح» باب «حشن معاشرة النساء» حديث (1979) عن عائشة رضي الله تعالى عنها: أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، قالت: فسابقته فسبَقْتُهُ على رِجْلَيَّ، فلما حملت اللحم سابقته فسبقني، فقال: «هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ». وذكره الحافظ العراقي في «تخريج أحاديث الإحياء» (1/393) وصحح إسناده، وذكره الألباني في «السلسلة الصحيحة» (131).

(6) أخرجه الحميدي في «مسنده»، وأبو داود، والنسائي، والطبراني، وابن ماجه مختصرًا وسنده صحيح، كما قال العراقي في «تخريج الإحياء». انظر: «آداب الزفاف» للألباني (1/204).

(7) «نيل الأوطار» (8/256).

(8) ففي الحديث الذي أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 134) حديث (6180)، والنسائي في كتاب «الزكاة» باب «المنان بما أعطى» حديث (2562)، وابن حبان في «صحيحه» (16/ 335) حديث (7340) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ثَلَاثَةٌ لَا يَنْظُرُ اللهُ عز وجل إِلَيْهِمْ يَوْمَ القِيَامَةِ: العَاقُّ لِوَالِدَيْهِ، وَالْـمَرْأَةُ المُتَرَجِّلَةُ، وَالدَّيُّوثُ…». وذكره ابن مفلح في «الآداب الشرعية» (1/ 336) وقال: «أخرجه أحمد والنسائي وصححه ابن حبان وإسناده حسن».

(9) أخرجه البخاري في كتاب «اللباس» باب «المتشبهون بالنساء» حديث (5885).

(10) «رياض الصالحين» ص301.

(11) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «النكاح» باب «لزوجك عليك حق» حديث (1975)، ومسلم في كتاب «الصيام» باب «النهي عن صوم الدهر لمن تضرَّر به أو فوَّت به حقًّا أو لم يفطر العيدين والتشريق وبيان تفضيل صوم يوم وإفطار يوم» حديث (1159)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يَا عَبْدَ الله بْنَ عَمْرٍو بَلَغَنِي أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ فَلَا تَفْعَلْ فَإِنَّ لِـجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَظًّا وَلِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَظًّا وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَظًّا؛ صُمْ وَأَفْطِرْ، صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَذَلِكَ صَوْمُ الدَّهْرِ». قلت: يا رسول الله إن بي قوةً. قال: «فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلَام صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا». فكان يقول: يا ليتني أخذت بالرخصة.

(12) ما يُجعل من المال رهنًا على المسابقة.

(13) أخرجه أحمد في «مسنده» (2/ 474) حديث (10142)، وأبو داود في كتاب «الجهاد» باب «في السبق» حديث (2574)، والترمذي في كتاب «الجهاد» باب «ما جاء في الرهان والسبق» حديث (1700)، والنسائي في كتاب «الخيل» باب «السبق» حديث (3585)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. وقال الترمذي: «حديث حسن»، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» حديث (1506).

(14) «عون المعبود» (7/ 173).

(15) «حاشية ابن عابدين» (6/402-405).

(16) أخرجه البخاري في كتاب «الرقاق» باب «لا عيش إلا عيش الآخرة» حديث (6412) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

(17) أخرجه الترمذي في كتاب «صفة القيامة» باب «ما جاء في شأن الحساب والقصاص» حديث (2417) من حديث أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه، وقال: «حسن صحيح»، وذكره الألباني في «صحيح وضعيف الترغيب والترهيب» حديث (126) وقال: «صحيح».

(18) المزراق: الرمح القصير. والجمع مزاريق. «المعجم الوسيط» (زرق).

(19) «المغني» (9/466-467).

(20) انظر: «تحفة المحتاج في شرح المنهاج» لابن حجر الهيتمي (9/399-400).

(21) جاء في «الشرح الكبير» للدردير من كتب المالكية (2/208): « المسابقة بجعل) جائزة في الخيل) من الجانبين (و) في (الإبل) كذلك (وبينهما) خيل من جانب، وإبل من جانب، وأولى في الجواز بغير جعل، وأما غير هذه الثلاثة فلا يجوز إلا مجانا».
وجاء في «منهاج الطالبين» من كتب الشافعية (ص143): «وشرط المسابقة علم الموقف والغاية وتساويهما فيهما وتعيين الفرسين ويتعينان وإمكان سبق كل واحد والعلم بالمال المشروط ويجوز شرط المال من غيرهما بأن يقول الإمام أو أحد الرعية من سبق منكما فله في بيت المال أو على كذا ومن أحدهما فيقول إن سبقتني فلك علي كذا أو سبقتك فلا شيء عليك فإن شرط أن من سبق منهما فله على الآخر كذا لم يصح إلا بمحلل فرسه كفء لفرسيهما ».
وجاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة: (6/89-90): «يجوز المسابقة على الدواب ، والأقدام ، وسائر الحيوانات والسفن ، والمزاريق وغيرها ) . يعني يجوز ذلك بلا عوض . وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب . وقطع به كثير منهم».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   12 فتاوى المرأة المسلمة, 14 متنوعات

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend