ما حكم العمل في مجال الكمبيوتر مع وزارة الدفاع الأمريكية في قسم الشئون الصحية؟ نعمل في هذا المجال على التأكد من صحة عمل أجهزة الكمبيوتر. وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فـ«إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»(1)، فمن كانت له في ذلك نية صالحة تتمثل في إغاثة المرضى وعلاج الجرحى سواءٌ أكانوا من المسلمين أو من غير المسلمين، أو الإعانة على ذلك، فله ما نوى من ذلك، وعمله في هذا وفي نظائره مشروع.
إن رسالة الأطباء هي المحافظة على الحياة البشرية والعمل على إغاثة من تعرض فيها لأزمة أو لخطر داهم يتهددها، وهذه الرسالة بهذا المعنى مبذولة لأهل الأرض قاطبة، بَرِّهم وفاجرهم؛ فإن الإسلام رحمة الله للعالمين.
وقد أبى النبيُّ ﷺ الدعوةَ على أهل الطائف حين نالوا منه ورشقوه بالحجارة وأدموا قدميه الشريفتين وأغروا به سفهاءهم ومجانينهم؛ وذلك حين نزل إليه جبريل وقال له: «إنَّ الله تَعَالَى قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ، وَقَد بَعَثَ إلَيْكَ مَلَكَ الجِبَالِ لِتَأْمُرَهُ بمَا شِئْتَ فِيهِمْ». فناداه ملك الجبال فسلم عليه ثم قال: «يَا مُحَمَّدُ، إنَّ اللهَ قَدْ سَمِع قَوْلَ قَوْمِكَ لَكَ، وَأنا مَلَكُ الجِبالِ، وَقَدْ بَعَثَنِي رَبِّي إلَيْكَ لِتَأْمُرَنِي بِأَمْرِكَ، فَمَا شِئْتَ؟ إنْ شئْتَ أطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الأَخْشَبَيْنِ». فقال النبيُّ: «بَلْ أرجو أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ وَحْدَهُ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا»(2).
فقد اختار المحافظة عليهم، وإبقاء مُهَجهم، وعدم قتلهم، وهذا يدلُّ على عموم رحمة الإسلام بالعالمين، وحرصه على المحافظة على مهج الناس كافة في الجملة.
ومثل ذلك لو كانت غايته تلبية حاجاته المعيشية، وتعينت هذه الوظيفية لذلك، في وقتٍ شاعت فيه البطالة، وقلَّت فيه البدائل، فيُرجى أن تكون له رخصةٌ في ذلك، ما اتَّقى الله في عمله، فلم يدعم باطلًا، ولم يخذل حقًّا، ولم يُعن على ظلم، ولم يشايع عليه، وعليه أن يجد في التماس بديلٍ يخرج به من هذه المضايق.
ومثل هذا الذي نقوله لا يختص بجيوش الدول غير الإسلامية، بل ينطبق كذلك على جيوش الدول الإسلامية التي تحكمها العلمانية وتسودها النظم الوضعية.
وصفوة القول في الأعمال التي تتعلق بهذه الجيوش: أن من استصحب نية صالحة كتخفيف المظالم ما استطاع، وإقامة العدل ما استطاع، أو دفع الصائل على وطنه وأهله وعرضه، أو الإعانة على عمل مشروع، فله ما نوى في ذلك وحسابه على الله.
ونختم بما بدأنا به: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. والله تعالى أعلى وأعلم.
__________________
(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «بدء الوحي» باب «بدء الوحي» حديث (1)، ومسلم في كتاب «الإمارة» باب «قوله ﷺ: إنما الأعمال بالنية» حديث (1907) من حديث عمر بن الخطاب.
(2) متفق عليه؛ أخرجه البخاري في كتاب «بدء الخلق» باب «إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء» حديث (3231)، ومسلم في كتاب «الجهاد والسير» باب «ما لقي النبي ﷺ من أذى المشركين» حديث (1795)، من حديث عائشة.