لي صديقة مقيمة بفرنسا مطلقة ولها ثلاثة أولاد، ولها منحة اجتماعية لا تكفيها لتلبية كل حاجاتها، تريد البحث عن عمل لكن هنا في فرنسا ممنوع الحجاب، تريد معرفة هل ممكن نزع الخمار في مكان العمل ثم ترتديه بمجرد الخروج؟ شكرًا.
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فهذا هو الاستضعاف الذي أُمِرنا بالهجرة منه، إذا فرض علينا وتسَنَّى لنا الخروج منه بالهجرة والفرار بالدين، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ﴾ [النساء: 97].
ولقد ناقش مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورة انعقاد مؤتمره الثالث حكمَ الإقامة خارج ديار الإسلام، وبين أنها:
تشرع لمن كان قادرًا على إظهار دينه وآمنًا من أن يُفتن فيه هو أو من جعلهم الله تحتَ ولايته، وتجبُ في حق من تعيَّنت إقامتُه لتعليم الإسلام، ورعايةِ أبنائه، ودفعِ شبهات خصومه، وتحرُم في حق من غلب على ظنِّه أن يُفتن هو أو من يعول في دينه، وحيل بينه وبين إقامة شعائر ربه، وأنه يلزمه الهجرةُ والفرار بالدين.
أما إذا لم تتيسر الهجرةُ، ولم تتيسر مصادرُ أخرى لتلبية الضرورات المعيشية، فهنا تأتي قواعد الضرورة وأحكامها، حيث يُباح تحت وطأة الضرورة من المحظور ما يلزم لدفعها، على أن تقدَّر بقدرها، ويسعى في إزالتها، قال تعالى:﴿إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ﴾ [النساء: 98-99].
هذا. مع صدق اللجوء إلى الله عز وجل، ودوام الانطراح بين يديه- أن يجعل لها فرجًا ومخرجًا، وأن لا يُعرِّضها إلى ما يهتك حرمتها ويكشف عورتها. وهو تعالى أرحم الراحمين، والله تعالى أعلى وأعلم.