قراءة ما يسمى بـ(عدية يس)

هل يجوز قراءة عدية يس ؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن قراءة ما سميته: «عدية يس»- وهي كما يزعم أصحابها: قراءة سورة «يس» بعدد معين بنية قضاء الحاجات وتحقيق الرغبات، مع دعاء خاصٍّ يلحقونه بها- لا أصل له في الشرع المطهَّر، بل هو مِن البدعِ الحادثة، وقد قال ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَد»(1).
والمقرَّر عند أهلِ العلم: أن العبادةَ لابدَّ أن تكون مشروعةً بأصلِها ووصفِها وزمانها ومكانها، وأن التزامَ الأعدادِ والكيفيات والهيئاتِ التي لم يَقُم عليها دليلٌ مِن الشرعِ يُعَدُّ مِن الإحداثِ في الدين.
فالبدعة- كما يقول الشاطبيُّ :: «عبارةٌ عن طريقةٍ في الدين مخترَعَةٍ، تضاهي الشرعيةَ، يُقصَد بالسلوك عليها المبالغةُ في التعبُّدِ لله سبحانه… ومنها التزامُ الكيفياتِ والهيآت المعيَّنَةِ، كالذِّكْرِ بهيئة الاجتماعِ على صوتٍ واحدٍ، واتخاذِ يومِ ولادةِ النبي ﷺ عيدًا، وما أشبه ذلك. ومنها: التزام العبادات المعينة في أوقاتٍ معينةٍ لم يُوجَد لها ذلك التعيين في الشريعة، كالتزام صيامِ يومِ النصفِ من شعبان، وقيام ليلته»(2).
فالواجب تجنُّبُ هذه البدع، والاكتفاءُ بما هو مشروعٌ مِن الأدعيةِ والأذكارِ المشروعةِ التي جَعَلَها الله سببًا لقضاءِ الحاجات وتنفيسِ الكُرُبَات، قال تعالى: ﴿أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ [النمل: 62].
وقد روى الترمذيُّ وأبو داود وابن ماجه عن بُرَيْدَةَ الأسلميِّ قال: سمع النبيُّ ﷺ رجلًا يدعو وهو يقول: «اللَّهُمَّ إني أسألك بأنِّي أشهدُ أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحدُ الصمدُ الذي لم يلدْ ولم يُولَد ولم يَكنْ له كُفُوًا أحد». قال: فقال: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى»(3). والله تعالى أعلى وأعلم.

__________________

(1) متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب «الصلح» باب «إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود» حديث (2697)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور» حديث (1718) من حديث عائشة.

(2) «الاعتصام» (1/37- 39).

(3) أخرجه أبو داود في كتاب «الصلاة» باب «الدعاء» حديث (1493)، والترمذي في كتاب «الذبائح» باب «جامع الدعوات عن النبي ﷺ» حديث (3475)، وابن ماجه في كتاب «الدعاء» باب «اسم الله الأعظم» حديث (3857)، من حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend