تضمين المتكلم كلامه شيئًا من القرآن على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه من القرآن

آية رقم 109 من سورة الكهف تقول: ﴿قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا﴾ [الكهف: 109].
السؤال هو أنه في الآونة الأخيرة بدأت تظهر رسائل غرامية على الهاتف المحمول مستعملة هذه الآية الكريمة ولكن بتحريف وتغيير معين، وهو كالآتي: لو كان البحر مدادًا لكلمات حبي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات حبي.
السؤال هو: ما هو رأي الشرع الإسلامي بذلك؟ وجزاكم الله عنا وعن المسلمين كل الخير.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا ينبغي لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحرف كلمات الله عن مواضعها، لاسيما في مثل هذه المقامات التي يغلب فيها الفجور والبعد عن العفاف والطهر، فإن الاقتباس من القرآن وهو تضمين المتكلم كلامه شعرًا كان أو نثرًا شيئًا من القرآن أو الحديث على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه من القرآن أو الحديث لا يجوز إذا كان في مقام الفحش والمجون، أما إذا كان لمقاصد لا تخرج عن المقاصد الشرعية فإن جمهور الفقهاء على جوازه(1)، تحسينًا للكلام وتجويدًا له، مع ملاحظة أن الاقتباس إذا قصد به الاستهزاء بكتاب الله عز و جل  فإن صاحبه على خطر عظيم ولا يبعد أن يكون فعله هذا ردة عن الإسلام.
ونسأل الله العافية؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ *  لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ﴾ [التوبة: 65، 66] والله تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) جاء في «حاشية ابن عابدين» من كتب الحنفية (4/151-155): «مطلب: الاقتباس من القرآن جائز عندنا. تنبيه: قولهم: أن تضع الحرب أوزارها. اقتباس من القرآن، وبه يستدل على جوازه عندنا كما بسطه الشارح في الدر المنتقى فراجعه».
وجاء في «حاشية العدوي» من كتب المالكية (2/510-518): «[ قوله: ثم ختم كتابه بحمد أهل الجنة ] أي وما لحقه من قوله: قال أبو محمد، وأراد بحمد أهل الجنة أي في الجنة على طريق الاقتباس من القرآن العظيم، والاقتباس أن يضمن الكلام نظما كان أو نثرا شيئا من القرآن أو الحديث لا على أنه منه أي لا على طريقة أن ذلك الشيء من القرآن أو الحديث، يعني على وجه لا يكون فيه إشعار بأنه منه كما يقال في أثناء الكلام قال الله تعالى كذا أو قال صلى الله عليه وسلم كذا، ونحو ذلك فلا يكون اقتباسا».
وجاء في «تحفة المحتاج» من كتب الشافعية (2/458-463) عند حديثه عن خطبة الجمعة: «(وأن تكون) الخطبة (بليغة) أي في غاية من الفصاحة ورصانة السبك وجزالة اللفظ لأنها حينئذ تكون أوقع في القلب بخلاف المبتذلة الركيكة كالمشتملة على الألفاظ المألوفة أي في كلام العوام ونحوهم ويؤخذ من ندب البلاغة فيها حسن ما يفعله بعض الخطباء من تضمينها آيات وأحاديث مناسبة لما هو فيه إذ الحق أن تضمين ذلك والاقتباس منه ولو في شعر جائز».
وجاء في «الآداب الشرعية» من كتب الحنابلة (2/289): «فصل (في الاقتباس بتضمين بعض من القرآن في النظم والنثر): سئل ابن عقيل عن وضع كلمات وآيات من القرآن في آخر فصول خطبة وعظية؟ فقال تضمين القرآن لمقاصد تضاهي مقصود القرآن لا بأس به تحسينا للكلام،كما يضمن في الرسائل إلى المشركين آيات تقتضي الدعاية إلى الإسلام، فأما تضمين كلام فاسد فلا يجوز ككتب المبتدعة».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend