تجويد القرآن

الحمد لله والصَّلاة والسَّلام على خاتم المرسلين، المصطفى الأمين، وعلى آله وصحبه والتَّابعين والصَّالحين أجمعين. شيوخنا الأفاضل، هل تجويد القرآن فرضُ عَيْنٍ أو فرض كفاية؟
جزاكم الله عنَّا كلَّ خيرٍ.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن تعلُّمَ علم التَّجويد فَرْضُ كفايةٍ بالنِّسبة لعامة الـمُسلِمين، وفرض عين بالنِّسبة لخاصَّتهم من العُلَماء والقُرَّاء، حتى إن بعض العُلَماء يرى أن تطبيقه في قراءة حديث رسول الله ﷺ حسنٌ جيد.
أما حكم العمل بعلم التَّجويد شرعًا فهو واجبٌ عينيٌّ على كلِّ قارئٍ مُكلَّفٍ يقرأ القرآن كله أو بعضه؛ لقوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4].
قال السُّيوطِي في «الإتقان»: «ولا شكَّ أن الأُمَّة كما هم مُتعبِّدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، هم مُتعبِّدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصِّفة المُتلقَّاة عن أئمة القُرَّاء المُتَّصلة بالحضرة النَّبويَّة الأفصحية العربيَّة، التي لا تجوز مخالفتُها ولا العدول عنها إلى غيرها»(1).
وقد جاء عن عليٍّ رضي الله عنه  في قوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4] أنه قال: التَّرْتيل: هو تجويد الحروف، ومعرفة الوقوف(2).
وفي الآية لم يقتصر سبحانه على الأمر بالفعل، حتى أكده بالمصدر اهتمامًا به وتعظيمًا لشأنه.
ومن الأَدِلَّة على ذلك من السُّنَّة قوله ﷺ: «اقْرَءُوا الْقُرْآنَ بِلُحُونِ الْعَرَبِ وَأَصْوَاتِهَا، وَإِيَّاكُمْ وَلُحُونَ أَهْلِ الْفِسْقِ وَالْكَبَائِرِ؛ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ أَقْوَامٌ مِنْ بَعْدِي يُرَجِّعُونَ الْقُرْآنَ تَرْجِيعَ الْغِنَاءِ وَالرَّهْبَانِيَّةِ وَالنَّوْحِ، لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ، مَفْتُونَةٌ قُلُوبُهُمْ وَقُلُوبُ مَنْ يُعْجِبُهُمْ شَأْنُهُمْ»(3).
فقوله ﷺ: «لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ» أي: لا يُقبل ولا يرتفع؛ لأن من قرأ القرآن على غير ما أنزل الله تعالى، ولم يُراعِ فيه ما أجمع عليه، فقراءته ليست قرآنًا وتبطل به الصَّلاة، كما قرَّره ابنُ حجر في «الفتاوى» وغيره.
قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة: «والمراد بالذين لا يجاوز حناجرهم: الذين لا يتدبَّرونه ولا يعملون به، ومن العمل به تجويدُه وقراءته على الصِّفة المتلقاة من الحضرة النَّبويَّة».
وصفوة القول: أنَّ تعَلُّمَ هذا العِلْم فرضُ كفايةٍ على العامَّة، وفرضُ عينٍ على أهل العِلْم وحملة الشَّريعة، أما تعلُّم كيفيَّة القراءة الصَّحيحة فهو فرض عين على الأُمَّة كافةً، لأنها جميعًا مُطالَبةٌ بقوله تعالى: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل: 4] واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) «الإتقان في علوم القرآن» للسيوطي (1/266) بتصرف.

(2) ذكره السيوطي في «الإتقان في علوم القرآن» (1/221).

(3) أخرجه الطبراني في «الأوسط» (7/183) حديث (7223)، أخرجه البيهقي في «شعب الإيمان» (2/540) حديث (2649)، من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (7/169) وقال: «رواه الطبراني في الأوسط وفيه راو لم يسم وبقية أيضًا».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend