المقصود بالقواعد من النساء

ما المقصود بالقواعد من النِّساء؟ وما سِنُّهن وأوصافهن المقصودة في الآية؟ وهل يجوز لهن كشفُ شعرهن أمام الأجانب؟ زادَكَمُ اللهُ علمًا وفتوحًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن القواعدَ من النِّساء هن اللواتي لا يرجُون نكاحًا لبلوغهن من العمر مبلغًا يجعلهن بمَعْزِلٍ عن الشَّهْوة، فلا أَرَبَ للرِّجال فيهن ولا أَرَبَ لَـهُنَّ في الرِّجال، وليس لذلك سنٌّ معينٌ لا يُزاد عنه ولا يُنقَص منه، بل الأمر في ذلك مختلف ومتفاوت بتفاوت النِّساء، وليس الضَّابِطُ في ذلك بلوغَها سنَّ اليَأْس؛ لأن المرأةَ قد تبلغ سنَّ اليَأْس ولا تزال موضعَ أَرَب الرِّجال، بل الضَّابِط هو ما ذكرنا، وهو ما أوجزه اللَّفْظُ القُرْآنيُّ المعجز في قولِه تعالى: ﴿لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا﴾ [النور: 60].
وجمهورُ أهل العِلْمِ(1) على أن التَّرخُّصَ في حقِّهنَّ إنما يكون في الظَّاهِر من الثياب، كالجلباب والعباءة، وخالف في ذلك الحنابلةُ(2) فأجازوا للمرأة العجوز أن تكشف ما يظهر منها غالبًا أمام الأجانب، ويدخل في ذلك الشَّعَرُ بطبيعةِ الحالِ، واتَّفَق الجميعُ على أن الاستعفافَ بتَرْك هذه الرُّخْصة خيرٌ لهن، كما قال القُرْطُبِيُّ :: «واستعفافهن عن وَضْع الثِّيَاب والتزامهن ما يَلْزَمُ الشباب أفضلُ لَـهُنَّ وخيرٌ»(3). واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

___________________

(1) جاء في «المغني» من كتب الحنابلة (7/102-103): «فصل: والعجوز التي لا يشتهى مثلها، لا بأس بالنظر إلى ما يظهر منها غالبا؛ لقول الله تعالى: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} الآية قال ابن عباس، في قوله تعالى: {قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} الآية قال: فنسخ واستثنى من ذلك: {والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا} الآية».
وجاء في «الفواكه الدواني» من كتب المالكية (2/313-314): »«(وأما المتجالة) وهي العجوز الفانية (فله) أي الأجنبي (أن يرى وجهها) وكفيها (على كل حال) ولو لغير عذر للأمن مما يحصل برؤية الشابة».

(2) جاء في «الإنصاف» من كتب الحنابلة (8/26-27): «يجوز النظر من الأمة، وممن لا تشتهى كالعجوز، والبرزة، والقبيحة ونحوهم إلى غير عورة الصلاة، على الصحيح من المذهب. واختار المصنف، والشارح: جواز النظر من ذلك إلى ما لا يظهر غالبا. وقال في الرعاية الكبرى: ويباح نظر وجه كل عجوز برزة همة، ومن لا يشتهى مثلها غالبا، وما ليس بعورة منها ولمسه ومصافحتها، والسلام عليها، إن أمن على نفسه».

(3) «تفسير القرطبي» (12/310).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend