استعمال الآيات القرآنيَّة وما فيه ذكر للزِّينة وفي وسائل الاتِّصال الحديثة

‎كنت أدير موقع البطاقة للبطاقات الإسلاميَّة، وهو موقع يحتوي على بطاقاتٍ إسلاميَّة تحتوي على آياتٍ كريمةٍ وأحاديث صحيحة، ‎وقد كان للموقع قبولًا كبيرًا ووصل في ترتيبه على المواقع الإسلاميَّة إلى الثَّامن، ‎ثم بعدها وقفتُ على فتوى تُبدِّع هذا العمل لشيخين كبيرين، ‎فقمت بإلغاء الموقع بعد هذه الفتاوى.
و‎بعدها قمتُ بعملِ موقعٍ جديد باسم الورقة الدَّعويَّة ‎يحتوي على ورقات دعويَّة مقاس الورقة العاديَّة يستطيع كلُّ مستخدمٍ أن يطبعها عبر الطابعة المنزليَّة ‎وينشرها ويُوزِّعها من باب «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً»(1)، تحتوي على آياتٍ، ‎فأرسل لي أخٌ يُخبرني بفتوى عدم مشرعيَّة تعليق الآيات وأن هذا الأمرَ مخالفٌ لهَدْي السَّلَف.
فهل أستمرُّ في هذا الموقع، أم أوقفه هو الآخر؟ وكيف أستغل موهبةَ تصميم الجرافيك في الدَّعْوة إلى الله تعالى؟ ‎جزاكم اللهُ خيرًا.

__________________

(1) أخرجه البخاري في كتاب «أحاديث الأنبياء» باب «ما ذكر عن بني إسرائيل» حديث (3461) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد عُرض هذا الأمر على المجمع الفقهيِّ التَّابع لرابطة العالم الإسلاميِّ، وانتهى فيه إلى جواز ذلك في إطار جملةٍ من الضَّوابط تحفظ لكتاب الله هيبته وتنأى به عن العبث والامتهان، وإليك نصَّ هذا القرار تتميمًا للفائدة، ونسأل اللهَ لنا ولك التَّوفيق والسَّداد:
القرار الأول: بشأن موضوع: استعمال الآيات القرآنيَّة وما فيه ذكر للزِّينة وفي وسائل الاتِّصال الحديثة وبيعها:
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسَّلام على من لا نبيَّ بعده؛ نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، أمَّا بعد:
فإن مجلسَ المجمع الفقهيِّ الإسلاميِّ في دورته التَّاسعة عشرة الـمنعقدة بمقرِّ رابطة العالم الإسلاميِّ بمكَّة المكرمة في 22- 26 شوال 1428هـ، التي يُوافقها 3- 7 نوفمبر 2007م قد نَظَر في الاستفتاء الوارد لأمانة المجمع من شركة «سابك» حول حكم بيع آيات قرآنيَّة على شكل ديكور.
وبعد أن استمع المجلس إلى الأبحاث الـمُقدَّمة في الموضوع المسئول عنه، والمناقشات المستفيضة في ذلك حوله، يُؤكِّد على وجوب تعظيم كتاب الله واتِّباع هديه، والالتزام بمقاصده؛ فقد أنزل اللهُ عز و جل  القرآنَ ليكون موعظةً وعبرة، وشفاءً لما في الصُّدور، وليهتدي به النَّاس في عباداتهم ومعاملاتهم، ويُطبِّقونه في جميع أمور حياتهم، ويتلونه حقَّ تلاوته تدبُّرًا وتذكُّرًا، ويسترشدون به في جميع شئونهم، ويأخذون أنفسَهم بالعمل به في كلِّ أحوالهم، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [يونس: 57] وقال سبحانه: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: 82]، وقال: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولَئِكَ يُنَادَوْنَ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾ [فصلت: 44]، ﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [ص: 29].
ويُؤكِّد المجلسُ أن على المسلمين أن يعرفوا لكتاب ربِّهم منزلته، ويقدروه قَدْره، ويجعلوا مقاصده نُصْب أعينهم، ويتَّخذوا منه ومن سُنَّة النَّبيِّ ﷺ منارًا يهتدون بهما.
والمجلس إذ يُذكِّر بهذا ليهيب بالمسلمين القيام بما يجب عليهم تُجاه الآيات القرآنيَّة من احترامها والمحافظة عليها من الامتهان والعبث، ويُقرِّر ما يلي:
أوَّلًا: جواز كتابة الآيات القرآنيَّة وزخرفتها، واستخدامها لمقصدٍ مشروعٍ، كأن تكونَ وسائل إيضاح لتعلُّم القرآن وتعليمه، وللقراءة والتَّذْكير والاتِّعاظ، وَفْق الضَّوابط الآتية:
(1) أن تُعامل اللوحات المكتوب فيها القرآن من حيث الصِّناعة والنَّقل معاملةَ طباعة المصحف، وهذا يُوجب اتِّخاذ الإجراءات التي تضمن احترام الآيات المكتوبة، وصيانتها عن الامتهان.
(2) عدم التَّهاون بألفاظ القرآن ومعانيه فلا تُصرف عن مدلولها الشَّرعي، ولا تُبتر عن سياقها.
(3) ألا تُصنع بموادَّ نجسة أو يَحْرُم استعمالها.
(4) ألا تدخل في باب العبث، كتقطيع الحروف وإدخال بعض الكلمات في بعضٍ، وألا يُبالغ في زخرفتها بحيث تصعب قراءتها.
(5) ألا تُجعل على صورة ذوات الأرواح، كما لو جُعلت اللَّوحة القرآنيَّة على شكل إنسان، أو على شكل طائر أو حيوانٍ؛ ونحو ذلك من الأشكال التي لا يليق وَضْعُها قالبًا لآيات القرآن الكريم.
(6) ألا تُصنع للتَّعاويذ المبتدعة وسائر المعتقدات الباطلة، ولا للصِّناعات المبتذلة ولا لترويج البضائع وإغراء النَّاس بالشِّراء.
ثانيًا: لا حرج في بيعها وشرائها بالضَّوابط السَّابق ذِكْرها وَفْق الرَّاجح من أقوال العلماء في بيع المصحف وشرائه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   01 القرآن الكريم وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend