حكم إعطاء مدرس درس لفتاة (2)

بخصوص فتواكم القائلة بجواز تعليم الرِّجال للنِّساء إذا أُمنت الفِتْنة والخلوة. أريد أن أعرفَ رأيَكم فيما يتعلَّق بغضِّ البصر، أَلَا يجب أن يَغُضَّ النِّساءُ البَصَرَ عن مُعلِّمهم والعكس؟ وكيف نضمن ذلك؟ ولو أنكم زِدْتم في فتواكم قيدًا يقول: «مع وجوب غضِّ البصر»، فهل نضمن في زماننا هذا الالتزامَ به؟ وما هو المقصود بأمن الفِتْنة تحديدًا؟ ألم يجب أن تقوموا بتوضيحِ تفصيل المصطلح في فتواكم حتى لا تكونَ جملةً مبهمة يتسلَّل من ورائها مَن شاء وقتما شاء؛ إذ يُفسِّرها كلٌّ على هواه؟ والله من وراء القصد، وجزاكم اللهُ خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:
فجزاك الله خيرًا على غيرتك، وإن كنتُ أرجو أن تكون أرفقَ في عرض استفتائك، المقصود بغضِّ البَصَر هو أن يكونَ ذلك في حدود الوُسْع والطَّاقة، أما ما تقتضيه الضَّرورة من ذلك أو الحاجة فلا حرج فيه؛ إذ لا حرج على القاضي في النَّظر إلى المتخاصِمَين عند الفصل بينهما، ولا حرج على الشُّهود في النَّظر عند تحمُّل الشَّهادة، ولا حرج على الطَّبيب في النَّظر عند مباشرة المعالجة، والضَّرورات تُقدَّر بقدرها ولا يتوسع فيها.
أما المقصود بأمن الفِتْنة: ألا يترتَّب على ذلك في بعض المواقع أو الحالات محذورٌ شرعيٌّ، كما لو كان المدرِّسُ شابًّا يافعًا والمتعلِّمات كذلك وخشي من الفِتْنة، أو كان المناخ الذي تتمُّ فيه العمليَّة التَّعليميَّة يُغري بشيءٍ من ذلك، كما لو كان الحجابُ الشَّرعيُّ لم يستوفِ شرائطَه وخُشيت الفِتْنة، وصُوَر ذلك لا تُحصَى.
وتقدير ذلك متروكٌ لأهل الحلِّ والعَقْد في المنطقة، والحقُّ وسطٌ بين الغالي فيه والجافي عنه. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend