لا شكَّ أن أحسنَ الكلام كلامُ الله، لكنني لاحظت منذ اهتمامي بطلب العلم الشَّرعيِّ أنني أصبحت أحب كتب الرِّجال من فقهٍ ورقائق وغيره، حتى إنني عندما أرى استشهادات قرآنية، أحاول المرور عليها بسرعة لأقرأ الفوائد التي كتبها صاحب الكتاب، كابن القيم وغيره، ولا شكَّ أن هذا غيرُ صواب. لذا ما نصيحتكم لي؟ وكيف كنتم مثلًا توفِّقون في كلِّيَّات الشَّريعة بين الموادِّ- كمصطلح الحديث وعلم الرجال- التي يندر فيها الاستشهاد بالقرآن، وقراءة القرآن بتدبُّر؟ وجزاكم اللهُ خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد تحدَّثتَ عن أمرٍ دقيق، ولا شكَّ أن الغيرة على القرآن ومُحاسبة النفس عند استشعار شيءٍ من التَّباعد عنه تتضمَّن من الدِّلالة على عافية في القلب ما أرجو أن تقرَّ بها عينك يوم القيامة بإذن الله.
حَبِّب إلى نفسك تلاوة القرآن باستشعار جلاله وعظمته، وبمطالعة سير السلف عند قراءته أو الاستماع إليه، واحتساب الثَّواب في كلِّ حرفٍ تقرؤه منه، وإذا أتممت حزبك من القراءة فلا حرج عليك بعد ذلك أن تقرأ أو أن تستمع إلى من يُفسِّرون لك كلام الله ويعينونك على حسن تدبُّره، فإن محبَّة أهل العلم والقراءة في تراثهم والاستماع إليهم إنما يكون من حيث كونهم وسائل نتعرف من خلالها على مراد الله عز و جل . ونسأل الله لنا ولك التَّوفيق والسَّداد، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.