السؤال:
هل يوجد شيء في الإسلام يسمَّى الهَجْرَ في الله؟ وإن كان يوجد فما هي واجباته ومعاييره؟ وهل من الممكن أن أقاطع شخصًا من أقاربي لأنه يُسوِّغ ويشجع القتل الذي يحدث لشباب مصر هذه الأيام؟
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فيوجد ما يسمى الهجرَ في الله، ويكون للمبتدعة والعُصاة، عندما تترجح المصلحةُ في ذلك، أي عندما يكون سبيلًا إلى استصلاح أحوالِ المهجور، وزجر غيره عن التلبُّس بمثل فعله، وصيانة الملَّة من أن تلتبس بالبدعِ والمنكرات، فإن أدى الهجر إلى تحقيقِ ذلك كان هجرًا مشروعًا، وإن أدى إلى نقيضه كان ممنوعًا، وإن كان الله عز وجل يُبغِض البدع والمعاصي ويمقت أصحابها.
وفي أزمنة الفتن وغربة الدِّين يصلح من التألُّف والمداراة ما لا يصلح من التصلُّب والهجر والمجافاة.
فإن المؤمن ينظر في هذه المقامات بنظرِ الإيمان ونظر الشرع، ونظر التجرُّد من الهوى، فإذا كان هجرُه للمبتدع والمعلن بالمعصية وبُعده عنه لا يترتب عليه شرٌّ أعظم- فإن هجرَهُ حقٌّ، وأقل أحواله أن يكون سنَّةً.
وإن كان عدم الهجر أصلحَ لأنه يرى أن دعوة هؤلاء المبتدعين وإرشادهم إلى السنة وتعليمهم ما أوجب الله عليهم، وأن ذلك يؤثر فيهم ويُفيدهم- فلا يَعْجَل في الهجر.
وفي خصوص المشهد المصري لا ننصح بالهجر؛ لأنه يُؤدِّي إلى مزيدٍ من الفتن والفساد، بل ننصح بالصبر والتألُّف والمداراة، فإنه أنفع في مثل هذه الظروف؛ ذلك أن تألُّف العصاة والمفتونين على التوبة واستحياءهم بها أحبُّ إلى الله من إهلاكهم بالإصرار والمحادَّة، فينبغي الرِّفْق في التعامل معهم، وتجنُّب الاستعلائية عند الحديث إليهم، ما امْتَهَدَ سبيلٌ إلى ذلك، لاسيما مع شيوع الفتن والجهالة، وقلة العلم بآثار الرسالة، ومع هذا التلبيس الذي تمارسه آلة الإعلام العلمانية الجبارة الظالمة، وأولى من ذلك تجنُّبُ الاستعلائية في التعامل على المتدينين من مدارس أو جماعات أخرى. والله تعالى أعلى وأعلم.