موقف المسلم قليل الحيلة تجاه القضية السورية

فضيلة أستاذي الشيخ الدكتور صلاح الصاوي. أسأل الله أن تصلكم رسالتي هذه وأنتم والأهل جميعًا في أتم الصحة والعافية، وأسأله أن يُسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة إنه ولي ذلك والقادر عليه. وبعد:
فإنه لا يخفى على فضيلتكم ما وقع وما يقع من الظلم على أهلنا وإخواننا من المستضعفين في عدد من بلاد المسلمين، وفي هذه الأيام نشهد مآسي إخواننا في بلاد الشام ونرى ما يلحق بهم من استباحة الدم والعرض الذي تديره أيدي البطش الآثمة على مرأى ومسمع العالم.
وهنا تَرِدُ بعض الأسئلة حول دور الأئمة والعلماء والمجامع الفقهية في توجيه الناس إلى كيفية التعامل مع هذه الأحداث والنوازل على مراد الله ورسوله.
وإليكم بعض المسائل والخواطر التي تجول في خلدي الساعة:
1. ما واجب الفرد المسلم الذي يعيش في الغرب تُجاه أمته في مثل هذه الظروف؟ وهل يلزمه متابعة الأحداث والتفاعل معها؟
2. ما الذي يشرع في مثل هذه النوازل من العبادات والأنشطة لنصرة المظلومين ودعم المستضعفين؟
3. ما مدى مشروعية صلاة الغائب على ضحايا هذه المجازر أو إظهار الحداد في الجمع والجماعات؟
4. ما رأي فضيلتكم في تنظيم المسيرات الداعمة لهذه الثورات أو الخروج فيها؟ وهل على المرءِ إثم إن وقع فيها ما يخالف الشرع؟
5. هل يجوز للفرد أو الجماعة تخصيص يوم للصيام أو القيام مع الدعاء للمنكوبين؟
شيخنا الحبيب، هذه الأسئلة وشبيهاتها ترد علي في كل يوم من الناس في المسجد وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، فحبذا لو كان لكم أو لمجمع فقهاء الشريعة بيان وافٍ في هذا الشأن نسترشد به ونبثه بين الناس لنبين لهم، وأقترح أن يعلن ذلك في اجتماع الأئمة القادم بإذن الله. ولكم مني خالص الدعاء.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فتعجز مفردات اللغة العربية بل ولغات العالم عن تصوير المظالم التي يصبها جلاوزة النظام السوري على الشعب السوري الشقيق، ويتعين على كل مسلم يقدر على نصرتهم بأي وجه من وجوه النصرة أن يبادر إلى ذلك، ولن يعجز كل واحد منا عن الدعاء، وبذل الجهد في التعريف بهذه القضية واستنفار الهمم لنصرتها وموالاة المنكوبين من أصحابها وإغاثتهم، فإن من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم، كما قال تعالى: ﴿لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: 84]، وقد قال صلى الله عليه وسلم  فيما رواه أبو داود: «مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلَّا خَذَلَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ، وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلَّا نَصَرَهُ اللهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ»(1).
ومنبر الجمعة من المنابر التي أتاحها الله لهذه الأمة لكي تصدع من فوقها بكلمة حق، وتبلغ من خلالها رسالة الله عز وجل ، وينبغي استثمار ذلك في الدعاء لشعبنا المنكوب في سوريا الشقيقة، وتعريف العالم بقضيتهم، وتأليف القلوب على مؤازرتهم، وبذل المال لنصرتهم، كما يشرع الدعاء لهم في الصلوات الخمس وهو ما يعرف بقنوت النوازل، وعقد لقاءات دعوىة خاصة للتعريف بهذه المأساة وتحريك الهمم للتنادي لنصرتها ومواساة أصحابها ورفع الظلم عنهم، أما التظاهر لنصرتهم فقد سبق للمجمع قرار حول التظاهر.
وصلاة الغائب إنما تكون على من لم يصلَّ عليه، أو على من كان له شأن في المسلمين ككبار العلماء والمجاهدين ونحوه، وأرى أن الأمر يتسع لذلك في هذه المأساة؛ لأن شهداء هذه المحنة لهم شأن كبير بإذن الله في صناعة مستقبل هذا الشعب المنكوب، وقد مهدوا بدمائهم الطريق نحو النصر والتمكين إن شاء الله.
ويمكن الإفادة من أيام الصيام التي وردت في السنة وجمع الصائمين على إفطار جماعي، ثم يكون التعريف بهذه القضية والدعاء لأصحابها، وجمع ما يمكن جمعه من الدعم لنصرتهم، والله من وراء القصد. والله تعالى أعلى وأعلم.

_____________________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (4/30) حديث (16415)، وأبو داود في كتاب «الأدب» باب «من رد عن مسلم غيبة» حديث (4884) من حديث جابر بن عبد الله وأبي طلحة بن سهل الأنصاري رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «ضعيف سنن أبي داود» (1040).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend