متابعة مهمة حول: هل من طريق إلى تدين هادئ؟
ما سبق إيرادُه في الإجابة عن هذا السؤال كان إجابةً عِلميةً أكاديمية بحتة، أردنا بها تحريرَ الموقف العلمي في هذه القضية، وردَّها إلى أصولها وقواعدها الشرعية.
أما إذا استُصحب السِّعار القائم حاليًا، والذي تكادُ تمتَدُّ نارُه لتحرق الأخضر واليابس، فلا تُبقي ولا تذر، إذا وُضع الأمر في هذا السياق فإن زاوية الرؤية قطعًا ستختلف.
إن من يقف على أرض الغَيْرَة على السنة، ويتخندق في خَندق الانتصار للدين، ويتحفَّظ على مواقف التنظيمات أو الجماعات- له حظٌّ من النظر، ويُقبل منه ويُرَدُّ، ويؤخذ من قوله ويُترك؛ لأنه في الجملة يحبُّ اللهَ ورسوله، ويَغار في الجملة على الشريعة وعلى حُرمات الله ، وهو متأوِّل في مواقفه، فينبغي أن يُحمل على أحسن محامله، وأن يُفسح لقوله مجالٌ، يتدبره المتدبِّرون، وينتفع من إيجابياته المنصفون.
ولكن عندما يقفُ أحدٌ على أرض العلمانية، ليرشق حصونَ الإسلام والإسلاميين جميعًا، ويسعى لشيطنة الدين والمتدينين جميعًا، فهذا الذي لا ينبغي أن تختلف الكلمة على إدانته، والبراءة إلى الله منه، وإعلان ذلك بلا مواربة، فذلك موقفٌ لا يَصبُّ إلا في مصالح اليهود والصهاينة، ولا ينتفع به سنيٌّ ولا بدعي، ولا متدين داخل هذه الكيانات، أو متدين خارجها.
وإن هذا الذي يجري يُنذر بعواقب وخيمة، ويدفع بالبلاد والعباد إلى أنفاق مظلمة، لا يعلم نهاياتها إلا الله، وقد يكون بدايةَ النهاية لكلِّ شيء، حيث ينهدم المعبدُ على رءوس الناس جميعًا.
إن نُذُرَ الاحترابِ الداخلي تلوح في الأفق، وإن الدَّفعَ بالبلاد إلى أفغنةٍ أو لبننةٍ أو عرقنة قد بات وشيكًا، وأرجو أن أكون مخطئًا، فوالله لا تطيبُ نفوسُنا بذلك أبدًا، ولا نُقرِّه أبدًا، ولا نُعين عليه أبدًا.
وعندما تَئُول الأمور إلى مثل هذا، فينبغي أن يتراصَّ أهلُ الدين، وأن يجمعوا كلمتَهم، وأن يتجاوزا الخلافات العارضة التي بينهم، وأن يتنادوا إلى كلمة سواء، ليُنقذوا بها البلاد من هذه المحارق الوشيكة، وليضعوا لأنفسهم خارطةَ طريق، كما وضع خصومهم لأنفسهم هذه الخارطة، وما اشتور قومٌ في أمر قط إلا هُدوا إلى أرشد أمرهم.
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرَ رشد؛ يُعزُّ فيه أهلُ طاعتك، ويتاب فيه على أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، اللهم آمين.
اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم رُدَّه وأهله إليك ردًّا جميلًا يا رب العالمين: مدنيين وعسكريين، إسلاميين وعلمانيين، متدينين وغير متدينين، اللهم آمين.