هل الذين قُتلوا في ثورة 25 يناير يُعتَبَرون شهداء؟ وما موقفُ الذين قُتِلُوا من أفراد الشرطة؟ وما موقف الذين قاتل بعضهم بعضًا، حيث كان منهم المؤيدُ ومنهم المعارضُ للرئيس؟

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فقد أفضى هؤلاء جميعًا إلى ما قَدَّموا، ونحن نرجو لمن قُتِلَ دفاعًا عن نفسه، أو في أثناء تبليغِ كلمةِ حقٍّ لسلطانٍ جائرٍ: أن يكون في عداد الشهداء إن شاء الله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : «سَيِّدُ الشُّهَدَاءِ حَمْزَةُ، وَرَجُلٌ قَامَ إِلَى إِمَامٍ جَائِرٍ فَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَقَتَلَهُ»(1).
وأما مَن سوى هؤلاء فإنهم يُبعَثُون يومَ القيامةِ على نيَّاتهم، وليس مِن المناسبِ الآن تشقيقُ القولِ في مصائرِ هؤلاء أو هؤلاء، فقد أفضى الجميعُ إلى ملكٍ عادلٍ لا يُظلَم عنده أحدٌ، ولا تخفى عليه خافيةٌ في الأرض ولا في السماء.
والأصل في الشهادة عند الإطلاق اختصاصها بقتيل المعركة مع الكفار، ولكن هذا لا يعني انحصار الشهادة في هؤلاء، بل: من قتل دون نفسه فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، بل المرأة تموت في نفاسها شهيدة، والمبطون شهيد، والمطعون شهيد، والميت بالغرق او الهدم أو الحرق شهيد(2). ولا حرج على فضل الله عز وجل.
وبقي أن نشتغل باستصلاح أحوالنا وجمعِ كلمتنا، والبعدِ عن أسبابِ فسادِ ذات البينِ، والاتفاق على برنامج للإصلاحِ يكون ممكنًا، ويتسنَّى لنا الاجتماعُ عليه.
ونسأل الله أن يردَّنا إليه ردًّا جميلًا، وأن يعيننا على الوفاءِ لدماءِ شهدائنا، وألَّا تذهب سدًى. والله تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه الحاكم في «مستدركه» (3/215) حديث (4884) من حديث جابر بن عبد الله ب، وقال الحاكم: «صحيح الإسناد ولم يخرجاه».
(2) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الجهاد والسير» باب «الشهادة سبع سوى القتل» حديث (2829)، ومسلم في كتاب «الإمارة» باب «بيان الشهداء» حديث (1914) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه  أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم  قال: «الشُّهَدَاءُ خَمْسَةٌ: المَطْعُونُ وَالمَبْطُونُ وَالْغَرِيقُ وَصَاحِبُ الْـهَدْمِ وَالشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ الله».
وأخرج مالك في «موطئه» (1/233) حديث (554)، وأبو داود في كتاب «الجنائز» باب «في فضل من مات في الطاعون» حديث (3111) من حديث جابر بن عتيك رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم  قال: «الشَّهَادَةُ سَبْعٌ سِوَى الْقَتْلِ فِي سَبِيلِ الله: الْـمَطْعُونُ شَهِيدٌ، وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ ذَاتِ الْـجَنْبِ شَهِيدٌ، وَالْـمَبْطُونُ شَهِيدٌ، وَصَاحِبُ الْـحَرِيقِ شَهِيدٌ، وَالَّذِي يَمُوتُ تَحْتَ الْـهَدْمِ شَهِيدٌ، وَالْـمَرْأَةُ تَمُوتُ بِجُمْعٍ شَهِيدٌ»، وصححه الألباني في «صحيح سنن أبي داود» (3111).