فضيلة الدكتور: استمتعت جدًّا برسالتك إلى مؤسسة الرئاسة، ونصحك لها، ولكن لم أستطع فهم اقتراحك عليها بالاستعانة بالدكتور العوا والأستاذ فهمي هويدي وعندهما من الميول الشيعية ما لا يخفى على مثلك. وأتوقع أن هذا التساؤل يُمكن أن يكون لدي كثيرٍ ممن اطلعوا على هذه الرسالة. أرجو توضيح ذلك بارك الله فيك.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأشكر صاحب السؤال حرصَه على السؤال عما أشكل عليه، وعلى بذل النصيحة لعامة المسلمين ممن قد يُشكل عليهم فهمُ بعض ما جاء في هذه الرسالة كما أشكل عليه، وحرصه على تجنيب الأمةِ فتنة الشيعة والتشيُّع، كما أقدر غَيْرَته على السنة، واللغة الودود التي تكلم بها.
ثم أُثنِّي بأن هذا المقترح كان في إطار الدعوة إلى حيوية الخطاب السياسي، وتجاوز حالة الصمت في مواجهة هذا السيل الجارف من الاتهامات والمجازفات التي يتولى كبرها إعلام الفلول وأبواق العلمانية، وللدكتور العوا جهدٌ متميز في الردِّ على العلمانيين، وقد أخرجتُ له المناظرة التي واجه فيها العلمانيين في نقابة المهندسين بالإسكندرية في الثمانينات، وكان فيها النجم الثاقب، ونفس القول بالنسبة للأستاذ فهمي هويدي، فله قدرته المتميزة على التحليل السياسي، وصياغة المقال السياسي مع النَفَسِ الإسلامي، والرد كذلك على العلمانيين، بلغة يفهمونها، فأردت أن أُنبِّه إلى أنه يمكن الاستفادة من أمثالهما في تجديد الخطاب السياسي، وإعداد الخطاب الرئاسي، وللرئيس بعد ذلك بطبيعة الحال أن يراجع فيه ما يحتاج إلى مراجعة، وأن يصوب ما يحتاج إلى تصويب، فلن يكون مجرد قارئ لما يُعَدُّ له!
ومن التوفيق أن تُفيدَ من كل إنسان فيما يُحسنه، وأن تجنبه ما لا يُحسن، لقد كان يُدفع ببعض رءوس المعتزلة للإفادة منهم في الرد على بعض عبدة الصليب، ولا يعني هذا قبول دسائسهم الاعتزالية، وشذوذاتهم المنهجية، والمرء قد تجتمع فيه محابُّ الله ومساخطه، وما يحمد عليه وما يذم عليه، فيستفاد منه فيما أحسنَ ويتجنب فيما أساء، وينصح له فيه، وذلك أمر معروف عند أهل السنة.
وفي الجملة فقد كان ذلك مجرَّدُ تنبيه للاستعانةِ بالمتميزين في هذا المجال، وإن مثلَ هذا المقام لا تصلُحُ فيه العفويَّةُ والارتجالُ، وما ذُكر كان في إطار ضرب المثال، وليس إصرارًا على زيدٍ أو على عمروٍ من الناس.
أما الشِّيعة فنُشهد الله عز وجل على براءَتَنا من ضلالاتهم، ونحمده جل وعلا أن أيقظ في مؤسسة الأزهر الحميَّة للوقوف الحازم في وجه هذه الضلالات، وندعوه بجلال وجهه وعظيم سلطانه أن يُجنِّبَ الأمةَ ويلاتِهم، وأن يحميها من مؤامرتهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه. والله تعالى أعلى وأعلم.