حول وضع نصارى مصر

يوجد استفسار أودُّ الإجابة عليه عاجلًا، وهو:
بخصوص نصارى مصر الآن: كيف يتمُّ تصنيف وضعهم فقهيًّا، هل هم محاربون، أم ذمِّيُّون، أم معاهدون أم مؤتمنون؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن أخطر التحديات التي تواجه الوضع الراهن في مصر هو ملف الاحتقان الطائفي، وأخشى أن تُفضي التقعيدات النظرية المجردة من اعتبارات السياسة الشرعية واستيعاب المتغيرات والمستجدات الراهنة إلى مزيد من الاحتقانات والتوترات.
نصارى مصر هم جزء من النسيج الوطني الذي يعيش في هذه البلاد منذ الفتح الإسلامي، وقد كان لآبائهم عقد ذمة توارثوه عنهم، ثم تراجعت الشريعة عن الحاكمية، وتراجع مع تراجعها البعد الديني لهذا الرباط، فبقي الرباط الوطني الذي يجمع بين المنتسبين إلى الوطن الواحد في ميثاقٍ للتعايش المشترك.
والمواطنة رابطة للتعايش المشترك بين أبناء الوطن الواحد، مهما اختلفت مشاربهم أو تباينت عقائدهم، ويترتب عليها واجبات وحقوق متبادلة، وتجعل أصل حرمة الدماء والأموال والأعراض مشتركًا بين الجميع، ولا مساس بشيء من ذلك إلا وَفْق أحكام الشريعة الإسلامية، ومن خلال الأحكام القضائية النهائية، وفي صحيفة المدينة(1) سابقة يمكن أن تُحتذَى في تأصيل ذلك.
وهم ليسوا مسئولين بطبيعة الحال عن تراجع أمتنا عن دورها في القيادة، ولا عن تراجع قادتنا عن الشريعة وتنكرهم لمرجعيتها، وبالتالي تراجع البعد الديني لهذا الرباط، ومن ثبت عليه خيانة هذا الرباط، والتآمر على الوطن لصالح قوى أجنبية فهو وحده الذي يتحمَّل تَبِعة هذه الخيانة، ويبوء وحده بإثم من تولى كِبْره، والباقون على الإقرار أو الإنكار، فمن آزره في غير ما تغرير ولا خداع يأخذ حكمه، ويبقى مَن وراء ذلك على أصل رباطه وميثاقه، تُحفظ لهم حقوقهم ويطالبون بالقيام بواجباتهم شأنهم شأن غيرهم من شركاء الوطن. والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) انظر: «السيرة النبوية» لابن هشام (3/34).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend