حول عقوبة مدير لموظف رفض أداء مهمة في ليبيا لأوضاعها الأمنية

نسأل الله {#emotions_dlg.azz} أن يُبارك في الدكتور صلاح.
نحن شركة هندسية كبيرة في جمهورية مصر العربية، ولنا تعامل مع الدول المجاورة، ومنها ليبيا، ونقوم بإرسال المهندسين إلى هناك.
وبصفتي مديرة للشركة يتعين علي إرسال أربعة من المهندسين؛ وذلك لمصلحة العمل، فوافق اثنان من المهندسين ورفض اثنان آخران بزعم أن الوضع في ليبيا غير آمن، وهذا يترتب عليه الإخلال بنظام العمل بالشركة، مما اضطرني لإيقاع عقوبة على هذين الاثنين كي يكونا عبرة لغيرهما، وكي لا تبقى المسألة خاضعة للأشخاص. فهل هذا ظلم لهما مني؟ وجزاكم الله خيرًا

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فأسأل الله أن يبارك لك في هذه النفس اللوامة التي تلومك على ما يَحِيكُ في صدرك منه شيء، وتحملك على التساؤل عن مدى مشروعيته؛ فإن الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس(1).
وأبادر إلى القول بأن مثل ذلك من مسائل الاجتهاد، وتختلف فيه الفتوى باختلاف الأشخاص والأحوال، فإن كانت طبيعة العقد مع السادة المهندسين تُلزمهم بالعمل في المواقع التي تُعيِّنها الشركة لهم، وإلا تعرضوا لجزاءات عند المخالفة، فيُصبح من حقِّ المدير المسئول أن يُوقِّع من هذه العقوبات ما يرى أنه لابد منه لانضباط العمل، واضعًا في اعتباره كذلك متغيرات الزمان والمكان، وحالة الانفلات الأمني التي تمرُّ بها المنطقة العربية عمومًا، وبلاد الربيع العربي خصوصًا، وأن يُحسن اختيار من تقوى نفوسهم على العمل في هذه الأجواء، وألا يختار لها من يفتنهم هذا الوضع ولا يصبرون على لَأْوائه، وأن يدرك أن المدير الناجح هو الذي يسوق الناس إلى أداء واجباتهم بالمحبة والإقناع، وليس بالقهر والبطش وسيف القانون والعقوبات، وأن يذكر قول النبي صلى الله عليه سلم: «اللَّهُمَّ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شيئًا فَرَفَقَ بِهِمْ فَارْفُقْ بِهِ»(2).
فإن غلب على ظنِّك تعنتُ العامل وعدالة العقوبة فلا حرج. والله تعالى أعلى وأعلم.

____________

(1) فقد أخرج مسلم في كتاب «البر والصلة والآداب» باب «تفسير البر والإثم» حديث (2553) من حديث النواس بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه  قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم  عن البر والإثم فقال: «الْبِرُّ حُسْنُ الْـخُلُقِ وَالْإِثْمُ مَا حَاكَ فِي صَدْرِكَ وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ».

(2) أخرجه مسلم في كتاب «الإمارة» باب «فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية والنهي عن إدخال المشقة عليهم» حديث (1828) من حديث عائشة.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend