حكم الدكتور مرسي بغير ما أنزل الله

هل الدكتور محمد مرسي بعد وصوله إلى سدة الحكم، ينطبق عليه أنه يحكم بغير ما أنزل الله، حيث إن البلاد يُصرَّح فيها بالخمور والقمار وصالات الرقص والدعارة، ويوجد لها أماكنها المخصصة التي يذهب إليها من يريدها، وكذلك الغالب على المعاملات هو البنوك الربوية، فضلًا عن أن الأحكام الجنائية مخالفة للشريعة؟ وما هو المخرج لنا ممن يقول ذلك الكلام إن كان الظاهر هو ما يرون؟ أفتونا مأجورين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن من جاء على ميراثٍ سابقٍ من العِلمانية وتبديل أحكام الشريعة الإسلامية لا يخلو حاله من أحد أمرين: إما أن يعلن إيمانه به وولاءه له وإصراره على استبقائه ودعمه، فهذا يأخذ حكم من بدَّلوه أول مرة، ولقد خاطب القرآن الكريم أهل الكتاب بما ارتكبه آباؤهم من قبل، وما ذلك إلا لإقرارهم له ورضاهم به؛ فقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللَّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 91].
يقول لهم: إن كنتم صادقين في دعوى الإيمان بما أنزل عليكم، فلم قتلتم الأنبياء الذين جاءوكم بتصديق التوراة التي بين أيديكم، وقد أُمرتم باتباعهم وتصديقهم؟!
وهذا خطابٌ لليهود الذين كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أن أحدًا من هؤلاء لم يرتكب شيئًا من ذلك، وإنما هو أمرٌ جناه آباؤهم من قبل، فخُوطبوا به لرضاهم به وإقرارهم له.
ومثل ذلك كثير في القرآن، فلا فرق في الحكم العام بين من يكفر بالحق ابتداء، ومن يتوارث ذلك عن غيره مع الرضا والمتابعة:
– لا فرق بين مَنِ ابتدأ تحريف التوراة والإنجيل، وبين من توارث ذلك من اليهود والنصارى من بعدُ، ما داموا مُقرِّين ومتابعين.
– ولا فرق بين من ابتدع عبادة الأصنام، وبين من تعبَّد لها بعد ذلك تقليدًا ومتابعة.
– ولا فرق بين عمرو بن لحي الخزاعي، وهو أول من غيَّر دين إبراهيم، فأدخل الأصنام إلى الحجاز، ودعا إلى عبادتها من دون الله، وشرع من الدين ما لم يأذن به الله، وبين من تابعه على ذلك من العرب من بعد.
وأما من جاء على ميراث سابق من العلمانية وتبديل أحكام الشريعة الإسلامية، ولكن أعلن عن إسلامية هويته، وعن انحيازه إلى إقامة الدين وتحكيم الشريعة، ثم توجَّه نحو تغيير هذا الباطل وإزالته، وجاء من ذلك بما استطاع، فلا شك أنه لا ينسحب عليه حكم من سبقه، ولا يؤاخذ بجريرة الطغاة السابقين، بل يُعان على ما أعلنه؛ فإن القدرة شرطٌ في التكليف، وبالعدل قامت السموات والأرض، ومبلغ العلم في الرئيس مرسي أنه هو ذلك الرجل الثاني، الذي ينبغي أن يُعان على مشروعه الإسلامي، وأن تبذل له النصرة في مواجهة من يؤزون على عداوته، ويحرضون على إسقاطه وإفشال مشروعه. والله تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend