تعزية نصارى كنيسة الإسكندرية التي حدث بها تفجيرات

ما حكم الذهاب لكنيسة الإسكندرية التي وقع بها الحادث لتعزية إخواننا المسيحيين لما حدث لديهم؟
كما سمعت من بعض مشايخ أزهريين جوازَ مشاركتهم في أعيادهم في يوم 7 يناير؛ تعاطفًا لما حدث عندهم وتكاتفًا معهم ضد الإرهاب. فما رأي فضيلتكم في ذلك؟ ولفضيلتكم جزيل الشكر.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلا حرج في تعزية غير المسلمين في مصابهم إذا وجد مقتض لذلك من مخالطة أو جِوار أو قرابة أو نحوه، فإن هذا من جملة البر الذي تعبدنا الله به في علاقتنا بهم، قال تعالى: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الممتحنة: 8].
ومن البر بهم عيادة مرضاهم وتعزيتهم في موتاهم، وقبول هداياهم والإهداء إليهم، وتهنئتهم بنحو زواج وقدوم من سفر أو مولود جديد ونحوه.
ومن أبر البر بهم النصح لهم في أمر دينهم، والدعاء لهم بالهداية، وأن لا نأتي من الأقوال أو الأعمال ما يزين لهم باطلهم، ويوهمهم بصواب ما هم عليه من الدين، وقد أمرنا أن نقول لهم على سبيل النصح لهم والإشفاق عليهم: ﴿يَا أَهْل الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ﴾ [المائدة: 68].
أما بالنسبة لخصوص حادث الإسكندرية فإن الحادث لا يزال قيد التحقيق، وليس لنا أن نستبق نتائجه، ولكننا نقول: إن الحدث أيًّا كان مرتكبه مصريًّا كان أو غير مصري، مسلمًا كان أم غير مسلم، يعد جريمة نكراء، تدينها الشريعة الإسلامية والنظم الوضعية، ولسنا في خندق مرتكبيه أيًّا كانت دوافعهم، ومهما تبهرجت تأويلاتهم، فقد تقرر في بدهيات الشريعة حرمة دماء كل من تربطنا به رابطة المواطنة من المعاهدين، وكل من قدم إلى بلاد الإسلام زائرًا أو تاجرًا أو سائحًا من المستأمنين، وأن حرمة دمائهم وأموالهم وأعراضهم من جنس حرمة دماء المسلمين وحرمة أعراضهم وأموالهم، وأن من قتل معاهدًا في عهده لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا. ففي حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا»(1).
أما بالنسبة للمشاركة في الأعياد الدينية فإننا نقول: إن الأصل في الأعياد الدينية أنها من خصوصيات الملل والنحل، فتبقى مختصة بأهلها، فلا تحل المشاركة فيها اعتبارًا لهذه الخصوصيات، ولا بأس عند رجحان المصلحة من تهنئة بكلمات عامة لا تتضمن انتهاكًا لهذه الخصوصيات، ولا تشتمل على إقرار لغير مسلم على دينه أو رضًا بذلك، لا سيما في مثل ما يسمى بعيد القيامة الذي يحتفل فيه أهله بقيام المسيح عليه السلام  من قبره بعد قتله وصلبه وقبره ثلاثة أيام!
والمسلم يعتقد بطلان ذلك كله! فهو يتلو في كتابه قول الله جل وعلا: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ﴾ [النساء: 157]. والله تعالى أعلى وأعلم.

ــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري في كتاب «الجزية» باب «إثم من قتل معاهدًا بغير جرم» حديث (3166) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend