ترشيح عبود الزمر للرئاسة

هل يجوز انتخاب الشيخ عبود الزمر في هذه المرحلة؟ حيث إنه تقدَّم بأوراقِ الترشيح لرئاسة مصر، وهو الوحيد من بين المرشَّحِين الذي يدعو لتطبيق الشريعة.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الولايةَ العامة تحتاج إلى توافر شرطين لا بديلَ منهما ولا غِنَى عنهما، وهما: الديانةُ، والكفاية.
فالديانة وحدَها لا تكفي، بل لابد بجوارها مِن الكفاية، ومبلغُ عِلمي أن الشيخ عبودًا- حفظه الله- مِن أقدمِ السجناء السياسيين في مصر، وقد قضى سحابةَ عمره وراءَ القضبان منقطعًا إلى حدٍّ كبيرٍ عن التعامل مع العالم الخارجي، فنرجو أن يجعل الله هذا كفارة عن سيئاته ورفعة في درجاته يومَ القيامة، ولكن سياسةَ أمورِ الدول تحتاج إلى ملكات أخرى، قد لا تتوافر في سجينٍ انقطع عن العالم الخارجي جُلَّ حياته، فأنى له بإدارة دولة بمؤسساتها وتناقضاتها وأزماتها وامتداداتها الداخلية والخارجية؟!
وإنَّ عدمَ مناسبته- فيما نحسب- القيامَ بمثل ذلك لا يُقلِّل مِن قيمته في موازينِ الله عز وجل، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم  لأبي ذرٍّ: «لَا تَأَمَّرَنَّ عَلَى اثْنَيْنِ، وَلَا تَوَلَّيَنَّ عَلَى يَتِيمٍ»»(1)، وهو القائل فيه: «مَا أَقَلَّتِ الْغَبْرَاءُ وَلَا أَظَلَّتِ الْـخَضْرَاءُ أَصْدَقَ لَـهْجَةً مِنْ أَبِي ذَرٍّ»(2)؛ وبالتالي فلا أحسَب أن هذا خيارٌ مناسب.
بل قد أذهبُ إلى أبعدَ مِن ذلك مدًى فأقول: لعل هذا ليس هو التوقيتَ المناسبَ للإسلاميين عامةً لتقلُّد هذه الأمانة، ولعل مِن الخيرِ لهم أن يعكفوا على تهيئة الأمةِ لذلك، وحسْبُهم أن يستفيدوا مِن مناخِ الحرية في خطابِ الأمةِ وتعهُّدها تصفيةً وتربيةً وتنقيةً، والمشاركة النسبية في سياسة أمور البلاد، بعيدًا عن قمةِ الهرم العليا للسلطة؛ حتى تتهيَّأ الأجواء داخليًّا وخارجيًّا لمثل هذه الخطوة، وفي التجارِب المعاصرةِ موعظةٌ وعبرة! والسعيدُ مَن وُعِظَ بغيرِه لا مَن وُعِظَ بنفسه! والله تعالى أعلى وأعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه مسلم في كتاب «الإمارة» باب «كراهة الإمارة بغير ضرورة» حديث (1826) من حديث أبي ذر رضي الله عنه .
(2) أخرجه الترمذي في كتاب «المناقب» باب «مناقب أبي ذر رضي الله عنه » حديث (3801)، وابن ماجه في «المقدمة» باب «فضل أبي ذر» حديث (156)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه ، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend