انتخاب امرأة لمجلس الشعب

غدًا إن شاء الله انتخابات مجلس الشعب، والصوت الإسلامي يرشح امرأة عن دائرتي، هل يجوز انتخاب امرأة لمجلس الشعب؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:

فلا أعرف في أدلة الشَّرع ما يقطع بمنع ترشيح امرأة لمجلس الشعب في إطار ضوابط العفاف والصيانة التي تعبَّد الله بها إماءه الصَّالحات؛ لأن طبيعة عمل المجلس إما أن يكونَ عملًا تشريعيًّا أو عملًا رقابيًّا، وليس في الشَّرع المطهر ما يمنع من أن تكونَ المرأة فقيهة أو مُفتية، تدعم التَّرتيبات الإدارية البحتة إذا رأتها نافعة محققة للمصلحة، وتعارض من القوانين ما ترى مخالفتها للشَّرع المطهر، أو إخفاقها في تحقيق مصالح الأمة، وليس فيه ما يمنع من أن تكونَ محتسبة وآمرة بالمعروف وناهية عن المنكر.

وليعلم كل من يباشر مهمة التصويت أن صوته يرتبط ببابين من أعظم أبواب الفقه: باب الأمانات، وباب الشهادات: أما ارتباطه بباب الأمانات فلأن صوته الانتخابي أمانة، لما هو معلوم من أن تولية أمور النَّاس من أعظم الأمانات، وقد أمر الله تعالى بأداء الأمانات إلى أهلها، فقال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا﴾ [النساء: 58]. وحذَّر نبيُّه صلى الله عليه وسلم  من إضاعتها، ففي الحديث: عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ». قال: كيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال: «إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ»(1). فمَن صوَّت لمن لا تقوم به مصالح الأمة فقد ضيَّع الأمانة، وإضاعتها من الكبائر. وأما ارتباطها بباب الشهادات: فلأنك بتصويتك لمرشَّح على آخر تكون قد شهدت أمام الله وأمام عباده أن فلانًا أَقْومُ بالمصالح العامة للأمة من غيره، فإن لم يكن الأمر كذلك في واقع الحال كانت شهادة زور، وقد علم المسلمون كافة أن شهادة الزور من الكبائر(2)، بل قد عدلت شهادة الزور الإشراك بالله، قال تعالى: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ﴾ [الحج: 30- 31]. فالذهاب إلى صناديق الانتخابات ينبغي أن يكونَ عبودية لله عز وجل  تؤدى على النَّحْو الذي أمر به الله ورسوله. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

ـــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري في كتاب «الرقاق» باب «رفع الأمانة» حديث (6496).

(2) متفق عليه: أخرجه البخاري في كتاب «الشهادات» باب «ما قيل في شهادة الزور» حديث (2654)، ومسلم في كتاب «الإيمان» باب «بيان الكبائر وأكبرها» حديث (87) من حديث أبي بكرة رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend