العلاقات الدبلوماسية للدول الإسلامية مع الدول غير الإسلامية

أرجو من سيادتكم التفضل بتوضيح شامل للعلاقات الدولية في الدولة الإسلامية من حيث إنشاء السفارات وعمل الاتفاقيات والمواثيق والعهود، والموقف من الأمم المتحدة وغيرها من الارتباطات الخارجية؟ وما حكم الجهاد في ظل هذه الدولة، أي الفتوحات الإسلامية والغزوات، أم أن الجهاد في هذا الزمن سيكون جهادَ كلمة فقط؛ لما نشهده من وسائل اتصال هائلة مع الأخذ في الاعتبار أنه فرض على المسلمين تحكيم شرع الله في الأرض كلها؟ أرجو الإفادة أفادكم الله وسدَّد خطاكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:

فلا حرج في إنشاء علاقات دبلوماسية مع المسالمين لأهل الإسلام من غير المسلمين، ولا حرج كذلك في أن نعقد معهم معاهدات للتعاون الاقتصادي والسياسي ونحوه مما جرت العادة بعقده بين الدول في محيط العلاقات الدولية، ولا يجوز أن تتضمَّن هذه المعاهدات التزامًا بشيء تجرمه الشريعة، فإن كل ما خالف الشرع فهو ردٌّ(1).

والأصل في الجهاد أنه لدرء الحرابة وكف العدوان، سواء أكان عدوانًا على الأمة بانتهاك حرماتها، أم كان عدوانًا على الملة بمحاربتها وفتنة من يريدون الدخول فيها، فإذا لم يكن من ذلك شيء وكانت الأرض ممهدة للدعوة إلى الله تعالى بغير فتنة في الدين ولا صدٍّ عن السبيل فلا وجه لابتداء أحدٍ بالقتال، فإن الله قد بعث محمدًا هاديًا، ولم يبعثه جابيًا لأموال، ولا جبارًا على العباد. وتحكيم الشريعة إنما يكون في الأصل على أهل الإسلام، أما غير المسلمين فقد خيَّر اللهُ تعالى نبيَّه صلى الله عليه وسلم  فقال: ﴿فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [المائدة: 42].

ومردُّ الأمر في هذا الاختيار إلى ما يحقق المصلحة العامة للأمة، فتخمد به الفتن، وتجتمع به الكلمة، وتسكن به الثائرة، وتحقن به الدماء. والله تعالى أعلى وأعلم.

ــــــــــــــــــــــــ

(1) ففي الحديث المتفق عليه؛ الذي أخرجه البخاري في كتاب «الصلح» باب «إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود» حديث (2697)، ومسلم في كتاب «الأقضية» باب «نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور» حديث (1718) من حديث عائشة ، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend