التأصيل الشرعي للحرية في الإسلام

ما التأصيل الشرعي للحرية في الإسلام بالتفصيل؟ وما الكتب التي أرجع إليها؟ وجزاك الله خيرًا.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:

فإن الحرية في الإسلام من الحقوق الأصيلة التي عنيت بها الشريعة، وترجمت حمايتها إلى تكليف وفرائض، ولا تزال ذاكرة التاريخ تختزن كلمة عمر بن الخطاب لواليه على مصر عمرو بن العاص: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارًا(1).

ولكن الحرية في الإسلام لا تعني خلع الربقة والتمرد على قاعدة التكليف، لا تعني حرية الكفر أو الفسق الظاهر، بل تعني التحرر من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، وتعني التحرر من الخضوع للطاغوت الذي يُعبِّد الناسَ لنفسه ومطامعه من دون الله: ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انفِصَامَ لَهَا﴾ [البقرة: 256].

وتعني التحرر من سلطان الهوى، ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ﴾ [الجاثية: 23]. وتعني التحرُّر من عبودية الدينار والدرهم، «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ وَعَبْدُ الْـخَمِيصَةِ؛ إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ. تَعِسَ وَانْتَكَسَ وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ»(2).

فهي أشبه ما تكون بماء يتدفق بين شطين: أحدهما يمثل حدود الله عز وجل ، والآخر يمثل ما تعارف عليه المسلمون من نظم وآداب، فإن طغى الماء من هذه الناحية أو تلك كان الفساد العريض. وأنصحك بقراءة كتاب الدكتور محمود الصاوي «اللبرالية تحت المجهر الشرعي». زادك الله حرصًا وتوفيقًا. والله تعالى أعلى وأعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ذكره المتقي الهندي في «كنز العمال» (12/294) حديث (36010).

(2) أخرجه البخاري في كتاب «الجهاد والسير» باب «الحراسة في الغزو في سبيل الله» حديث (2887) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه .

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend