الاشتراك في الانتخابات والدعوة لها

ما حكم الشرع في الدعوة للتصويت في الانتخابات البرلمانية والاشتراك مع من يدعو لذلك؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:

فإن المشاركة السياسية بغية استجلاب بعض المصالح أو دَفْع بعض المفاسد من مسائل السياسة الشَّرعية التي تتقرَّر في ضوء الموازنة بين المصالح والمفاسد، فما غلبت مصلحتُه أُجيز وما غلبت مفسدته مُنع.

وتختلف فيها الفتوى باختلاف الزمان والمكان والأحوال، وقد صدر قرارٌ من مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا حول هذه المشاركة أُرفق لك نصَّه تتميمًا للفائدة ومنه يُعلم الجواب:

فإن مجمع فقهاء الشريعة بأمريكا، المنعقد في دورة مؤتمره الرابع بالقاهرة- مصر، في الفترة من 4- 7 رجب 1427هـ، الموافق 28 يوليو حتى 2 أغسطس 2006م.

بعد اطِّلاعه على الأبحاث الفقهيَّة المقدَّمة من السادة أعضاء المجمع وخبرائه بخصوص موضوع المشاركة السياسية، والمناقشة المستفيضة التي دارت حوله قرر المجمع ما يلي:

أولًا: المقصود بالمشاركة السياسية وحكمها:

* المشاركة السياسية هي المشاركة في صنع القرار السياسي من خلال الأحزاب السياسية أو المجالس النيابية أو البلدية وغيرها من المؤسَّسات السياسية والدستورية للدولة، انتخابًا أو ترشيحًا، مع ما يستتبعه ذلك من التحالفات المؤقتة مع بعض القوى السياسية الأخرى، أو استعمال بعض الآليات المتاحة كالتظاهر والإضراب أو العصيان المدني وتكوين جماعات الضغط ونحوه.

* ومشاركة المسلمين المقيمين خارج ديار الإسلام بالعمل السياسي مما تختلط فيه المصالح والمفاسد: – فمِن مصالحه: الإسهام الإيجابي في حلِّ قضايا هذه المجتمعات من منظور إسلاميٍّ، وإعطاء الصورة الصَّحيحة عن الإسلام باعتباره الدين الصَّحيح، وعن المسلمين باعتبارهم مواطنين لهم إسهاماتُهم الحضارية في مختلف المجالات، والمحافظة على حقوق المسلمين المقيمين خارج ديار الإسلام، ونصرة قضايا الأمة العادلة داخلها.

– ومن مفاسده ما قد يتضمَّنه من شهودِ بعض مجالس الزُّور، مع ما يشوبها من المخالفات الشَّرعية، وما قد يُفضي إليه من شقِّ الصفِّ الإسلامي، وتفجير الفتن بين فصائله، أو الاستدراج إلى تنازلات لا تُقابل بمصالحَ راجحةٍ.

* وهو من مسائل السياسة الشَّرعية التي يدور حكمها في فلك الموازنة بين المصالح والمفاسد، فيكون مشروعًا إذا حسنت فيه النِّيَّة وكانت المصلحةُ فيه ظاهرةً، ولم تُعارض بمفسدةٍ راجحة، وقد يبلغ مبلغَ الوجوب إذا تعيَّن وسيلةً لتحصيل بعض المصالح الراجحة أو تعطيل بعض المفاسد الظاهرة، وقد يكون حرامًا إذا عظمت مفسدته، وغلب ضرره على نَفْعه، بل ربما أدَّى إلى فسادٍ في الاعتقاد، فهو مما تتغيَّر فيه الفتوى بتغيُّر الزمان والمكان والأحوال، وذلك تبعًا لتغير وجوه المصلحة.

* لا بأس أن يتقلَّد المسلم من الولايات خارج ديار الإسلام ما يرجو به تحقيق الصالح العام بتقليل ما يُمكن تقليله من المفاسد، وإقامة ما يُمكن إقامته من العدل، على أن يُحافظ على هذا المقصود ابتداءً ودوامًا، لكي يكون وكيلًا عن المظلوم في رَفْع مظلمته أو تقليلها، وليس وكيلًا عن الظالم في إعانته على ظلمه.

* ويجوز أيضًا إعانة أحد المرشحين لهذه الولايات من غير المسلمين على مرشحٍ آخر إذا كان تقليدُه أَدْفَعَ للظلم أو أرجى للخير، طبقًا لما تمهَّد في الأصول من أن مبنى الشريعة على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها. هذا واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   05 السياسية الشرعية

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend