فضيلة الشيخ الدكتور صلاح الصاوي، حفظكم الله.
ففي ظل شيوع النظم الديمقراطية في حكم الدول المعاصرة، نجد أن رئيس البلاد لا يتمتع في ظل هذه النظم بمطلق السيادة، ولا يكون بيده وحده الأمر، وإبرام الحل والعقد.
فثمة بلاد يكون منصب رئيس الجمهورية محدد الصلاحيات، فلا يملك في مهمات الأمور الحلُّ والعقدُ وحدَه، كالنظم التي يسعى إلى إيجادها في مثل مصر وتونس وليبيا بعد الربيع العربي المبارك.
وثمة بلاد أخرى يكون منصبًا شبيهًا بالفخري، كما في بريطانيا مثلًا، ويكون الحاكم الفعلي رئيس الوزراء، بصلاحيات محددة، أو يكون الحاكم مجلس الوزراء مجتمعًا في ظل تقاسم السلطات، كما في لبنان مثلًا.
فلا نجد نظامًا ديمقراطيًّا معاصرًا يكون فيه رئيس البلاد حاكمًا فعليًّا بيده الحل والعقد، إلا إن تسمى زورًا بالديمقراطي وكان في واقعه الفعلي ديكتاتوريًّا ليس إلا كما في الأنظمة العربية البائدة لا أعادها الله تعالى.
السؤال: في ظل صعود الإسلاميين إلى سُدَّة الحكم كما في مصر، أو مزاحمتهم عليها كما في بلدان أخرى، هل يطلق مثلًا على الرئيس المصري شرعًا ولي أمر لأهل بلده، مع أنه محدد الصلاحيات لا يملك تمام الحل والعقد وحده، وليس تمام الأمر بيده؟ وإذا لم يصح شرعًا إطلاق هذا الوصف عليه لعدم تمكنه من الحل والعقد، هل يطلق هذا الوصف على أهل الحل والعقد؟ وهل يُمثلون عندئذ بأهل المجالس البرلمانية؟ نرجو الإيضاح جزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فإن رئيس البلاد- رغم تقييد بعض صلاحياته- لا يزال ولي الأمر الشرعي في هذه البلاد، فهو القيم على جميع مؤسسات الدولة، وهو الذي يملك حل البرلمان وإقالة مجلس الوزراء عند الاقتضاء، وهو الرئيس الأعلى للقوات المسلحة، ولكنه قيد في ممارسته لصلاحيته بما كان لله طاعة وللمسلمين مصلحة، والولاية العامة لأمور الناس عقد من العقود، تصح بما تصح به سائر العقود، وتبطل بما تبطل به سائر العقود، ويجوز تقييدها بما تقيد به سائر العقود.
ولا حرج أن يبايع الرئيس على دستور يحدد صلاحياته، ويضع على ممارسته لها قيودًا تمنعه من التأله والاستطالة، ولا يقدح هذا في ولايته، ولا في تمتعه بالحل والعقد، ولا في كونه رئيسًا للدولة في نهاية المطاف. والله تعالى أعلى وأعلم.