ما معنى قول الرسول: «رجل تستحي منه الملائكة» في حديثه عن عثمان رضي الله عنه؟

ما معنى قول الرسول ﷺ عن سيدنا عثمان: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْـمَلَائِكَةُ»؟ وما المقصود بذلك؟ أي كيف تستحي الملائكة؟

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فلقد روى مسلم عن عائشة ل قالت: كان رسولُ الله ﷺ مضطجعًا في بيتي كاشفًا عن فَخِذَيه أو ساقيه، فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على تلك الحال فتحدَّث، ثم استأذن عمر فأذن له وهو كذلك فتحدَّث، ثم استأذن عثمان فجلس رسول الله ﷺ وسوَّى ثيابَه فدخل فتحدَّث، فلما خرج قالت عائشة: دخل أبو بكرٍ فلم تهتش له ولم تُبالِه، ثم دخل عمر فلم تهتش له ولم تباله، ثم دخل عثمانُ فجلست وسوَّيْتَ ثيابَك؟ فقال عليه الصَّلاة والسَّلام: «أَلَا أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ الْـمَلَائِكَةُ»(1).
فما هو الحياء بصفة عامة؟ قال ابن حجر: «الحياء خلقٌ يَبْعث على اجتناب القبيح ويمنع من التقصير في حقِّ ذي الحق»(2).
وقال الـمُناوي: «الحياءُ نوعان: نفسانيٌّ وهو المخلوق في النُّفوس كلِّها، كالحياء من كشف العورة والجماع بين النَّاس، وإيمانيٌّ وهو أن يمتنعَ المسلم من فعل الـمُحرَّم خوفًا من الله. فإن قيل: الحياءُ من الغرائز، فكيف جُعل شعبةً من الإيمان؟ أُجيب: أنه قد يكون غريزةً وقد يكون تخلقًا، ولكن استعمالَه على وَفْق الشَّرْع يحتاج إلى اكتسابٍ وعلم ونية، فهو من الإيمان لهذا، ولكونه باعثًا على فعل الطاعة وحاجزًا عن فعل المعصية، ولا يُقال: رُبَّ حياءٍ عن قول الحقِّ أو فعل الخير؛ لأن ذاك ليس شرعيًّا»(3).
أمَّا حياء الملائكة من عثمان رضي الله عنه  فعلى النَّحْو الذي يليق بهم، وهو صفةٌ تحملهم على توقيره ومهابته لصدق حيائه وطاعته لله عز و جل . واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

_________________

(1) أخرجه مسلم في كتاب «فضائل الصحابة» باب «من فضائل عثمان بن عفان رضي الله عنه » حديث (2401).

(2) «فتح الباري» (1/52).

(3) «التعاريف» للمناوي (1/302).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الحديث الشريف وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend