لماذا اهتز عرش الرحمن لسيدنا سعد بن معاذ دون غيره من الصحابة؟ وما المقصود بذلك الاهتزاز؟ وجزاك الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه و من والاه؛ أما بعد:
فإن الصحابي الجليل سعد بن معاذ هو صاحب المناقب الجليلة، والفضائل العظيمة، فهو الذي أجاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قومه الأنصار يوم بدر عندما قال لهم: أشيروا عليَّ أيها الناس. فقال: والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: «أَجَلْ». قال سعد: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامضِ يا رسول الله لما أردت، فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا، إنا لصبرٌ في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقرُّ به عينك، فسِرْ بنا على بركة الله(1).
وهو الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، عندما همَّ النبي صلى الله عليه وسلم أن يدفع ثلث ثمار المدينة لغطفان لكي ينصرفوا عن المسلمين، فقال له سعد بن معاذ: قد كنا وهؤلاء على الشرك وعبادة الأوثان، لا نعبد اللهَ ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا من مدينتنا تمرة، إلا قِرًى- أي كرمًا وضيافة- أفحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزَّنا بك وبه، نعطيهم أموالنا؟ والله ما لنا بهذا من حاجة، ووالله لا نُعطيهم إلا السيف، حتى يحكم الله بيننا وبينهم(2).
ومعنى اهتزاز العرش لموته: أي اهتز فرحًا لقدوم روحه. والله تعالى أعلى وأعلم.
ـــــــــــــــــــــ
(1) «السيرة النبوية» لابن هشام (3/162).
(2) «السيرة النبوية» لابن هشام (4/181).