حكم حديث «حبب إلي من دنياكم ثلاث»

شيوخنا الأفاضل، اختلط عليَّ الأمر في هذا الحديث: أوَّلًا وصلني هذا الحديث عبر البريد الإلكتروني فما صحته؟
جلس رسولُ الله ﷺ مع أصحابه وسألهم مُبتدئًا بأبي بكر: «ماذا تحب من الدُّنيا؟» فقال: أبو بكر رضي الله عنه: أحب من الدُّنيا ثلاثًا: الجلوس بين يديك، والنَّظر إليك، وإنفاق مالي عليك.
«وأنت يا عمر؟». قال: أحب ثلاثًا: أمرًا بالمعروف ولو كان سرًّا، ونهيًا عن المنكر ولو كان جهرًا، وقولَ الحقِّ ولو كان مرًّا.
«وأنت يا عثمان؟». قال: أحبُّ ثلاثًا: إطعام الطَّعام، وإفشاء السَّلام، والصَّلاة بالليل والنَّاس نيام.
«وأنت يا علي؟». قال: أحبُّ ثلاثًا: إكرام الضيف، والصوم بالصيف، وضرب العدوِّ بالسيف.
ثم سأل أبا ذرِّ الغفاري: «وأنت يا أبا ذرٍّ، ماذا تحبُّ في الدُّنيا؟» قال أبو ذرٍّ: أحب في الدُّنيا ثلاثًا: الجوع؛ والمرض؛ والموت. فقال له النَّبيُّ ﷺ: «وَلِـمَ؟». فقال أبو ذر: أحبُّ الجوع ليرقَّ قلبي، وأحب المرض ليخفَّ ذنبي، وأحب الموت لألقى ربي. فقال النَّبيُّ ﷺ: «حُبِّب إليَّ من دنياكم ثلاثٌ: الطِّيب؛ والنِّساء؛ وجُعِلَت قُرَّة عيني في الصَّلاة».
وحينئذٍ تنزل جبريل عليه السلام وأقرأهم السَّلام وقال: وأنا أحبُّ من دنياكم ثلاثًا: تبليغ الرِّسالة؛ وأداء الأمانة؛ وحبَّ المساكين. ثم صَعِد إلى السَّماء وتنزَّل مرَّة أخرى وقال: الله {#emotions_dlg.azz} يُقرئكم السَّلام ويقول: إنه يُحِبُّ من دنياكم ثلاثًا: لسانًا ذاكرًا، وقلبًا خاشعًا، وجسدًا على البلاءِ صابرًا.
الأمر الآخر الذي حيَّرني أيضًا هو ما وجدتُ- عندما حاولت الاستفسار في المكتبة الإسلاميَّة- مقاطع مما وجدتُ في الموضوع: رسالة من شيخ الإسلام: «حُبِّبَ إِلَيَّ مِنْ دُنْيَاكُمُ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ» ثم يقول: «وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» لم يقل: «حُبِّب إليَّ من دنياكم ثلاثٌ» كما يرفعه بعض النَّاس، بل هكذا رواه الإمام أحمد والنَّسائيُّ: أن المحبَّب إليه من الدُّنيا النِّساء والطيب. وأما قُرَّة العَيْن تحصل بحصول المطلوب وذلك في الصَّلاة، والقلوب فيها وساوس النَّفس، والشَّيطان يأمر بالشهوات والشُّبُهات ما يفسد عليه طِيب عيشها. فمن كان مُحِبًّا لغير الله فهو مُعذَّب في الدُّنيا والآخرة؛ إن نال مراده عُذِّب به؛ وإن لم ينله فهو في العذاب والحسرة والحزن.
أفيدوني زادكم الله علمًا نافعًا وبارك فيكم وجعل الجنَّة مثواي ومثواكم.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فإن هذا الحديث الطويل الذي ذكرته ليس بصحيح، وإنما الذي صَحَّ عنه قولُه ﷺ: «حُبِّبَ إِلَيَّ من الدُّنْيَا: النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ». رواه الإمام أحمد والنَّسائيُّ(1)، وليس فيه: (حُبِّب لي من دنياكم ثلاث)؛ لأنه عليه الصَّلاة والسَّلام ذَكَر اثنتين، وهما: النِّساء والطيب، وأما الثَّالثة، وهي الصَّلاة فهي قُرَّة عينه عليه الصَّلاة والسَّلام، وليست مِن أمْر الدُّنيا، بل هي مِن أمر الدِّين. والله تعالى أعلى أعلم.

______________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (3/128) حديث (12315)، والنسائي في كتاب «عشرة النساء» باب «حب النساء» حديث (3939) من حديث أنس  رضي الله عنه ، وذكره الألباني في «صحيح سنن النسائي» (3939).

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الحديث الشريف وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend