القول بقطعية أحاديث الآحاد

اعتقد تلميذ ابن باز والألباني- اللَّهُمَّ ارحم وصوِّب كلَّ مشايخ الإسلام، آمين- الاعتقادَ التالي: أن أحاديثَ الآحاد الصَّحيحة ليست ظَنِّيَّةَ الثبوت بل قطعية الثبوت ما لم يقم برهانٌ يقدح في الرِّجال العدول، كأن يقول الراوي: لا أدري أقال هذا أو ذاك. هل هذا اعتقادٌ خاطئٌ يستحقُّ أن أُسَبَّ وأُسحق على المنابر لذكري ذلك لطُلَّاب العلم. سبحان الله! هناك آية مُثبَتةٌ آحادًا وحُكْمُها قطعيُّ الثبوت، وإنني ما سَبَبْتُ أحدًا قطُّ! سبحان الله!

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن السنةَ النبوية كما لا يخفى منها ما هو متواترٌ ومنها ما هو آحادٌ. والمتواتر منها قطعيُّ الثبوت، أما دلالته فقد تكون قطعيةً وقد تكون ظنيةً. وقطعيُّ الدِّلالة هو ما لا يَحتمِلُ إلا معنًى واحدًا وهو ما يُطلِق عليه الأصوليون النَّص، كقوله تعالى: ﴿تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ﴾[البقرة: 196].
وقد اختلف أهلُ العلم في أحاديث الآحاد هل تُفيد الظنَّ أو القَطْعَ؟
فالجمهورُ على أنها تُفيد الظنَّ، وذهب جماعةٌ من أهل العلم إلى إفادتها العلمَ واليقين، وفصَّل آخرون بين ما احتفت به القرائن وما لم يكن كذلك، ومن أمثلة ما احتفت به القرائن أحاديثُ الصَّحيحين؛ لأن القرائنَ دالَّةٌ على صِدْقها لجلالة صاحِبَيْهما، وتلقِّي العلماء لكتابيهما بالقبول، وهذا التلقِّي وحده أقوى في إفادة العلم من مُجرَّد كثرة الطرق. واختار هذا القولَ جماعةٌ منهم ابنُ الحاجب وإمامُ الحَرَمَيْن والآمِدِيُّ والبيضاويُّ وشيخ الإسلام ابن تيميَّة.
وسواءٌ قلنا عن خبر الآحاد: إنه يُفيد الظن أو يُفيد القطع، فإن الـمُحْكَمَ أنه حجةٌ يوجب العملَ عند جماهير أهل العلم من السَّلَف والخلف، فهذا هو المُحكَّم الذي لا ينبغي أن يُختلفَ عليه ولا أن يُختلفَ فيه.
ومن ناحيةٍ أخرى فإن الخلافَ العلميَّ لا يستلزم التسابَّ أو التهاجرَ أو التراشق بالتهم والمناكر، فهذا ليس من أخلاق طلبة العلم في شيءٍ! ونسأل اللهَ التَّوفيق للجميع، واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   02 الحديث الشريف وعلومه

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend