ما رأي فضيلة الشيخ ببعض تصرفات الإسلاميين ممن يرون أن النظام قابل للإصلاح وأن الشريعة الإسلامية منصوص عليها في الدستور وبالتالي هم لا يرون كفر النظام وإنما يرون أنه نظام منحرف ولكنه مقر بحكم الشريعة، ولهم بعض الاجتهادات في موضوع حقوق المرأة، وأحكام الردة، والديمقراطية، وتولي الولايات العامة من غير المسلمين، وأحكام المواطنة، فقد سمعت أن الدكتور البشري يرى: جواز توليهم القضاء لأن الدولة الحديثة أصبحت دولة مؤسسات وهيئات فأحكام القضاء تصدر عن لجنة مكونة من ثلاثة قضاة أو أكثر وبالتالي القاضي ولو كان غير مسلم إلا أنه ملزم بتطبيق الإسلام ثم إنه سيكون بجوار غيره من القضاة المسلمين وسيكون القرار مؤسساتيًّا ونابعًا من مرجعية الدولة الإسلامية، فهل لهذا الكلام مسوغ شرعي؟ وهل هو اجتهاد منه أم هو انحراف خطير عن الجادة؟ وهل العلماء التقليديون مقصرون في فهم الواقع الذي تغير فكان لابد أن تتغير الأحكام السياسية وهذا ما تفعله الحركات الإسلامية التي بدأت تتعامل بمرونة وتلجأ لاجتهادات غريبة عن الفقه التقليدي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فمعرفة أحكام الشريعة فيما يتعلق بالنوازل المعاصرة سواء من حيث تحقيق المناط أو تنقيحه- ينبغي أن تناط بأهل الفتوى ممن عرفوا بالصيانة والديانة وجمعوا بين الفقه بالشرع والدراية بالواقع، أما من سواهم من المنتسبين إلى الدعوة أو الفكر الإسلامي بصفة عامة فنحن نقدر لهم غيرتهم على الإسلام ودفاعهم المجمل عنه وانحيازهم المجمل إلى فسطاطه، ولكن الفتوى في النوازل ينبغي أن تناط بأهلها دون سواهم. إذا استقامت هذه النقطة استقام كل شيء وإذا اضطربت اضطرب كل شيء، وأنصح إخواني بأن يوسدوا الأمر إلى أهله وأن يحفظوا لكل صاحب فضل أو سابقة فضله وأن يقصروا من الجدل وأن يشتغلوا بالعمل فذلك أسلم لدينهم وأرضى لربهم وأبرأ لذممهم والله المستعان. والله تعالى أعلى وأعلم.