قطع العلاقة مع من ليس لهم حسب قبلي

أنا عندي مشكلة، وأود استشارتكم، وهي أنني رجل مسلم قَبَلي، أي أنتمي إلى قبيلة، والمشكلة أنني أعيش وسط بيئة تميز بين الناس على أساس قَبَلي ونحو ذلك بأمور ما أنزل الله بها من سلطان.
وقد كان لي أصحاب منذ طفولتي لا ينتمون إلى قبيلة، ويسمونهم عندنا خضيريين، وسبب صحبتي لهم أنهم كانوا جيراننا، ولكن بعدما كبرت وأصبحت شابًّا بدأت ألاحظ أن المجتمع يؤصل لقضية التمييز الطبقي.
وبما أن صحبتي لهؤلاء الأصحاب الذين لا أنقم عليهم أي أمر لا دينًا ولا خلقًا، بل هم من خيرة الناس خلقًا تجلب عليَّ بعض الضغوطات الاجتماعية والاستهتار ونحو ذلك، مع أنني كنت أنصح أقاربي بحرمة ازدراء الناس بلا سبب شرعي، ولكن من دون جدوى.
وهناك فريق من أقاربي لا يعارض صحبتي لهم، ولكن يُلمحون، ومن المعلوم أن التلميح قد يكون أشدَّ وقعًا على النفس من التصريح أحيانًا.
فالسؤال: هل يجوز لي تقليص علاقتي مع هؤلاء الأصحاب تدريجيًّا حتى أنفصل عنهم؟ هل أكون آثمًا بذلك ومتكبرًا وممن لا يزال فيه أمر الجاهلية؟
ويعلم الله يا شيوخنا الكرام، ما حملني على التفكير بهذا الأمر إلا كثرة الضغوط الاجتماعية عليَّ، وأنا حساس جدًّا لا أستطيع التحمل، وتتأثر نفسيتي سريعًا، وكذلك مداراتي لأرحامي، وإلا لو لم تكن صلة الرحم واجبة لقاطعت أرحامي أولًا لأنهم هم المخطئون، أفتونا مأجورين.

 

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه؛ أما بعد:
فقد علمت أن الله قد أذهب عن أهل الإسلام حَميَّة الجاهلية، وجعلهم عبادًا لله إخوانًا، وقرر أنه لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى(1).
وازدراء أهلك لهذه الرفقة الطيبة لمجرد أنهم ليسوا قبليين ازدراء ظالم، وبقية من بقايا الجاهلية ينبغي نصحهم في التخلص منها، بدلًا من الاستسلام لها والاستجابة لضغوطها.
وأرى أن ترفع مسألتك هذه إلى من تثق فيهم ويثق فيهم أهلك من أهل الفتوى لتحتج عليهم بمن يمثل قوله بالنسبة لهم حجة، فلعك بهذا تنجح في الأخذ بيدهم إلى سواء السبيل، وإبعادهم عن بقايا الجاهلية ومواريثها البغيضة، وعسى أن يكتب لك أجر الإسهام في القضاء على هذه العادة البغيضة.
ونسأل الله أن يجعلنا وإياك من الصالحين المصلحين. والله تعالى أعلى وأعلم.

______________

(1) أخرجه أحمد في «مسنده» (5/411) حديث (23536) عن أبي نضرة : قال: حدثني من سمع خطبة رسول الله ﷺ، وذكره الهيثمي في «مجمع الزوائد» (3/266) وقال: «رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح».

تاريخ النشر : 26 ديسمبر, 2017
التصنيفات الموضوعية:   07 آداب وأخلاق

فتاوى ذات صلة:

Send this to a friend